فلسفي آخر هو العمل والتجربة والصناعة بوجه خاص. فإذا استطعنا أن نبرهن على صحة فهمنا لظاهرة طبيعية ما، بخلقنا هذه الظاهرة بأنفسنا، وأحداثنا لها بواسطة توفر شروطها نفسها، وفوق ذلك إذا استطعنا استخدامها في تحقيق أغراضنا كان في ذلك القضاء المبرم على مفهوم الشيء في ذاته العصي على الادراك الذي أتى به (كانت) (1).
وقال ماركس:
((ان مسألة معرفة ما إذا كان بوسع الفكر الانساني ان ينتهي إلى حقيقة موضوعية ليس بمسألة نظرية، بل انها مسألة عملية، ذلك انه ينبغي للانسان ان يقيم الدليل في مجال الممارسة على حقيقة فكره)) (2).
وواضح من هذه النصوص ان الماركسية تحاول أن تبرهن على الواقع الموضوعي بالتجربة، وتحل المشكلة الأساسية الكبرى في الفلسفة - مشكلة المثالية والواقعية - بالأساليب العلمية.
وهذا مظهر واحد من مظاهر عديدة وقع فيها الخلط بين الفلسفة والعلوم، فان كثيرا من القضايا الفلسفية حاول بعض دراستها بالأساليب العلمية، كما ان عدة من قضايا العلم درسها بعض المفكرين دراسة فلسفية. فوقع الخطأ في هذه وتلك.
والمشكلة التي يتصارع حولها المثاليون والواقعيون هي من تلك المشاكل التي لا يمكن اعتبار التجربة المرجع الاعلى فيها، ولا اعطاؤها الصفة العلمية، لان المسألة التي يرتكز عليها البحث فيها هي مسألة وجود واقع موضوعي للحس التجريبي. فالمثالي يزعم ان الأشياء لا توجد الا في حسنا وإدراكاتنا