فأخبرته الخبر، فأقبل - بأبي وأمي - حتى جلس والنصراني يقول: رأوني على من أسئلة عما أحتاج إليه؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: سل يا نصراني، فوالذي (1) فلق الحبة وبرء النسمة لا تسئلني عما مضى ولا ما يكون إلا أخبرتك به عن نبي الهدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقال النصراني: أسئلك عما سألت عنه هذا الشيخ، خبرني أمؤمن أنت عند الله أم عند نفسك؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أنا مؤمن عند الله كما أنا مؤمن في عقيدتي، فقال الجاثليق: الله أكبر هذا كلام وثيق بدينه، متحقق فيه بصحة يقينه، فخبرني الآن عن منزلتك في الجنة، ما هي؟ فقال: منزلتي مع النبي الأمي في الفردوس الأعلى لا أرتاب بذلك ولا أشك في الوعد به عن ربي، فقال النصراني: فبماذا عرفت الوعد لك بالمنزلة التي ذكرتها؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: بالكتاب المنزل وصدق النبي المرسل، قال: فبما علمت صدق نبيك؟ قال: بالآيات الباهرات والمعجزات البينات، قال الجاثليق:
هذا طريق الحجة لمن أراد الاحتجاج، خبرني عن الله تعالى أين هو اليوم؟
فقال عليه السلام: يا نصراني! إن الله تعالى يجل عن الأين ويتعالى عن المكان، كان فيما لا يزل ولا مكان، وهو اليوم على ذلك، لم يتغير من حال إلى حال، فقال: أجل أحسنت أيها العالم وأوجزت في الجواب، فخبرني عن الله تعالى أمدرك بالحواس عندك فيسئلك المسترشد في طلبه استعمال الحواس، أم كيف طريق المعرفة به، إن لم يكن الأمر كذلك؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: تعالى الملك الجبار أن يوصف بمقدار وتدركه الحواس أو يقاس بالناس، والطريق إلى معرفته صنايعه الباهرة للعقول الدالة ذوي الاعتبار بما هو (عنده) مشهود ومعقول، قال الجاثليق: صدقت، هذا والله هو الذي قد ضل عنه التائهون في الجهالات، فخبرني الآن عما قاله نبيكم في المسيح وإنه مخلوق من أين، أثبت له الخلق ونفى عنه الإلهية وأوجب فيه النقص، وقد عرفت ما يعتقد فيه كثير من المتدينين؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: (أثبت) له الخلق