الله عنه وهو في المدائن (1) وأمير المؤمنين عليه السلام في المدينة، ولم يعهد تشرف أحد بتلك المكرمة الخاصة غيره، ولعله لما ورد من أن الوصي لا يغسله إلا نبي أو وصي، وعدم ظهور الدعوة وترويج الدين منه في تلك المدة لا ينافي الوصاية، لما روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (كان بين عيسى عليه السلام وبين محمد صلى الله عليه وآله خمسمائة عام، منها مأتان وخمسون عاما ليس فيها نبي ولا عالم ظاهر)، فكان الرمان رمان الغيبة كما في تلك الأزمنة.
ولكن يعارض جميع ذلك ما يظهر من رواية الإكمال والمحاسن والأمالي وكفاية الأثر وغيرها (3) من أن آخر أوصياء عيسى عليه السلام: آبي، أو برده، أو بالط - كما في بعض الأخبار -، وإنه الذي لقيه سلمان أخيرا، ومر في رواية البرقي والصدوق أنه قال له: (إن الذي تطلب قد ظهر اليوم بمكة)، فيرتفع المحذور الذي ذكرنا.
ويمكن التوفيق بين الروايات بأنه كان وصيا لا كسائر الأوصياء، بل كان متعلق وصايته أمرا خاصا هو حمل اللوح وتسليمه إلى النبي صلى الله عليه وآله ويشهد له ما نقلناه عن الصدوق، فيكون مقامه فيها كمقام أم سلمة (4) وفاطمة الكبرى (5) - بنت الحسين عليه السلام - وأبي طالب. (6).