ومنها: إن بناء وصول الكمال وحصول المقامات الشريفة والمراتب الجليلة على التدرج والتعلم والطلب منه تعالى، فعلى السالك المجاهد أن يتضرع إلى الله في المسألة بأن يكمله ويوفقه للترقي إلى الدرجات العالية والمراقي السامية.
ومنها: إن لأرباب الكمال وأهل الصحة والسلامة، المسيون على عرش التحقق، السائرين في فلك التدقيق، أن يرحموا الناقصين، التائهين في بيداء الجهالة، بانقاذهم وإعانتهم على الخروج منها بالرفق واللطف تدريجيا، كما هو سيرة الأنبياء والعلماء العاملين بمراسم الإرشاد وكيفية التعليم، فلو قصر فيه أو في كيفيته فكسره، فإن كان بإخراجه من الدين أو عن مقامه الذي كان متمكنا فيه فجبره إرشاده ورده، وإن كان بكسر قلبه فعليه أن يرضيه.
وروى الشيخ الشهيد محمد بن أحمد بن علي بن الفتال النيسابوري في روضة الواعظين مرسلا قال: (قال أبو عبد الله عليه السلام: الإيمان عشر درجات:
فالمقداد في الثامنة، وأبو ذر في التاسعة، وسلمان في العاشرة.) (1) وروى الكشي رحمه الله عن طاهر بن عيسى الوراق، رفعه إلى محمد بن سفيان، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: (سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
يا سلمان! لو عرض علمك على مقداد لكفر، يا مقداد! لو عرض علمك على سلمان لكفر.) (2) وروى المفيد رحمه الله في الإختصاص عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه، عن سعد (بن عبد الله)، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أسلم الجبلي، عن البطائني، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (قال رسول الله (لسلمان): يا سلمان! لو عرض علمك على مقداد لكفر، يا مقداد!
لو عرض صبرك على سلمان لكفر.) (3)