لأنهما كانا يحدثانه بما لا يحتمله غيره من مخزون علم الله ومكنونه) (١).
والظاهر أن من (إنما) إلى آخر الحديث من كلام الصدوق لا من الخبر، ولعله أشار بقوله: (فسئل الصادق عليه السلام)، إلى ما رواه أبو عمرو الكشي عن طاهر بن عيسى الوراق الكشي، قال: حدثني أبو سعيد جعفر بن أحمد بن أيوب التاجر السمرقندي، قال: حدثني علي بن محمد بن شجاع، عن أبي العباس أحمد بن حماد المروزي، عن الصادق عليه السلام أنه قال في الحديث الذي روى فيه، إن سلمان كان محدثا، قال: (إنه كان محدثا عن إمامه لا عن ربه (٢)، لأنه لا يحدث عن الله (عز وجل) إلا الحجة) (٣)، أو ما رواه غيره ولم نعثر عليه.
وهذا الخبر بظاهره ينافي الأخبار السابقة، ويمكن الدفع بعد عدم معارضته سندا لما تقدم بأن كونه محدثا عن إمامه، لا ينافي كونه محدثا عن ملك ينقر في أذنه، كما أنه لا تلازم بين كونه محدثا عن ربه وبين كونه محدثا عن الملك حتى إذا انتفى الأول انتفى الثاني، فإن الظاهر من التحديث عن الرب هو التحديث عنه بلا واسطة، ومعلوم أنه مختص ببعض الرسل، ولو سلم الشمول للتحديث عنه مع الواسطة فلعل المنفي نوع منه يخص الإمام والنبي - كما لو كان في بيان الأحكام - فذكره عليه السلام هذا المعنى للمحدث في هذا المقام من غير إشارة إلى ما ورد عنهم مما تقدم، إما لقصور فهم السائل وضعف عقله وعدم تحمله للمعنى الآخر، أو لأن الغالب في حديثه كان على الوجه، بل لم يعهد تحديثه عن الملك وإن حدثه ونكت في قلبه.
والتحقيق: إن لفظ المحدث المذكور في الأخبار السابقة، وفيما ورد في أوصاف الإمام والفرق بينه وبين النبي والرسول، والساقط في قوله تعالي:
﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى - الآية﴾ (4) وهو: