كان بالغا متدينا بغير المجوسية، إذ المقصود منه كالنهي عن الفعل من يجتنب عنه هو استمراره ودوامه - كما قال الله تعالى لنبيه الصادع بأمره قبل أمره: ﴿فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهوائهم - الآية﴾ (١).
الثاني: أن يكون مأمورا بترك المجوسية التي اتخذها دينا في الظاهر، تقية منهم وخوفا منهم، وإظهار الإيمان الذي كان يبطنه ويخفيه - كما يشير إليه حديث الاختصاص -، أو الغرض ترك مؤازرتهم والكون في زمرتهم، ومن ذلك ظاهر وجه سجدته لمطلع الشمس قبل هذا اليوم، مضافا إلى ما تقدم من: (إن القبلة التي أمر بالصلاة إليها شرقية، وكان أبواه يظنان أنه إنما يسجد ل (مطلع) الشمس كهيئتهم).
قوله: فجعلوا يدلون، أي يرسلون، والتدلي: إرسال مع تعلق كتدلي الثمر، والإشراف: هو الاطلاع من فوق.
و (الأنطاكية): مدينة حصينة هي قاعدة بلاد القواصم، وهي الثغور من جهة الروم، بنتها أنطاكية بنت الروم بن عيص، بينها وبين حلب ثلاثة أيام، موصوفة بالنزاهة، قريبة من بحر الشام، واقعة بجنب نهر چيحان - وهو غير جيحون الذي في بلخ -، وتسميها الروم مدينة الله تعظيما لها، وأم المدن لأنها عندهم أول مدينة ظهر فيها دين النصرانية، وكانت إحدى كراسي الروم، وهو كرسي (بطرس) وهو شمعون الصفا، وفيها مسجد حبيب النجار، وقبره يزار ويتبرك به، وهي القرية التي أرسل الله إلى أصحابها اثنين، وهو شمعون ويوحنا أو صادق وصدوق، (فكذبوهما فعززنا بثالث)، هو يونس أو سلوم أو شمعون، وجاء من أقصاها رجل اسمه حبيب ابن إسرائيل النجار، وكان منزله عند باب من أبوابها فقال: ﴿يا قوم اتبعوا المرسلين﴾ (2) (، فوطؤوه بأرجلهم أو رجموه حتى مات.
و (الإسكندرية): مدينة مشهورة بمصر في شمال غربي القاهرة، على