عيسى بن مريم) (1).
أقول: قد يشكل في آخر الحديث بأن عيسى عليه السلام بعد عروجه في السماء لا ينزل إلا بعد قيام القائم عليه السلام، ولم يعهد نزوله في الأرض على تلك الحالة، ولذا قال في البحار بعد نقل الحديث عن القصص: (قوله:
رأيت عيسى عليه السلام: أي مثله - انتهى) (2)، مع أنه من كلام الراوي ولا حجة فيه لاحتمال كونه ممن قصر باعه ونزر اطلاعه، فظنه عيسى حيث سمع أنه شفى المرضى، وأما صاحب السيرة فحمله على ظاهره، نظرا إلى كونه من كلام النبي صلى الله عليه وآله على حسبما رواه، إلا أنه ضعف سنده حيث قال:
(قال السهيلي: هذا الحديث مقطوع وفيه رجل مجهول ويقال: إن الرجل هو الحسن بن عمارة، وهو ضعيف بإجماع منهم - انتهى) (3).
والتحقيق: أنه لا وجه لصرف الكلام عن ظاهره وحمله على إرادة التشبيه، فإن التعليق على التصديق صريح في غرابة الدعوى، ولا غرابة مع إرادة المماثلة، ولم يقم دليل معتبر أو ضرورة أو إجماع على أنه بعد عروجه إلى السماء لا ينزل ولو مستورا عن أعين الناس إلا بعد القيام، ولو كان فيحتمل أن يكون المراد نزوله بين أظهرهم بحيث يعرفونه، كما أن قول الروح الأمين حين وفاة سيد المرسلين بأن: (هذا آخر نزولي إلى الدنيا) (4)، محمول على نزوله للوحي الجديد، ومن الجائز الذي لا بعد فيه أن تكون الحكمة في نزوله كذلك إخباره سلمان وبشارته بظهور خاتم النبيين وسيدهم، ولا ينافي ذلك جلالة شأنه ونبالة (5) مكانه وكونه روح الله وكلمته، فإن له وله (6) تلك المقامات العالية أن يعد ذلك في السماء فخرا وللساعة ذخرا.
وليس بأعجب مما رواه الصدوق في الإكمال، والشيخ الطوسي في