آصف بن برخيا حرف واحد، فتكلم به فخسف الله عز وجل الأرض ما بينه وبين عرش بلقيس حتى تناول السرير، ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرف النظر، وعندنا نحن والله اثنان وسبعون حرفا، وحرف واحد عند الله عز وجل استأثر به في علم الغيب، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، عرفنا من عرفنا وأنكرنا من أنكرنا، ثم قام عليه السلام وقمنا، فإذا نحن بشاب في الجبل يصلي بين قبرين، فقلنا: يا أمير المؤمنين! من هذا الشاب؟
فقال عليه السلام: صالح النبي عليه السلام، فقال عليه السلام: وهذان القبران لأمه وأبيه وأنه يعبد الله بينهما، فلما نظر إليه صالح لم يتمالك نفسه حتى بكى وأومى بيده إلى أمير المؤمنين عليه السلام، ثم أعادها إلى صدره وهو يبكي، فوقف أمير المؤمنين عليه السلام عنده حتى فرغ من صلاته، فقلنا له: ما بكاؤك؟
قال صالح: إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يمر بي عند كل غداة، فيجلس فتزداد عبادتي بنظري إليه، فقطع ذلك مذ عشرة أيام فأقلقني ذلك، فتعجبنا من ذلك.
فقال عليه السلام: تريدون أن أريكم سليمان بن داود؟ قلنا: نعم، فقام ونحن معه حتى دخل بستانا ما رأينا أحسن منه وفيه من جميع الفواكه والأعناب، وأنهاره تجري والأطيار يتجاوبن على الأشجار، فحين رأته الأطيار أتت ترفرف حوله حتى توسطنا البستان وإذا سرير عليه ثياب ملقى على ظهره، واضع يده على صدره، فأخرج أمير المؤمنين عليه السلام الخاتم من جيبه وجعله في إصبع سليمان بن داود فنهض قائما وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين، أنت والله الصديق الأكبر والفاروق الأعظم، قد أفلح من تمسك بك وقد خاب من تخلف عنك وإني سئلت الله عز وجل بكم أهل البيت فأعطيت ذلك الملك، قال سلمان:
فلما سمعنا كلام سليمان بن داود لم أتمالك نفسي حتى وقعت على أقدام أمير المؤمنين عليه السلام أقبلها، وحمدت الله عز وجل على جزيل عطائه، بهدايته إلى ولاء أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وفعل أصحابي كما فعلت، ثم سئلت أمير المؤمنين: ما وراء قاف؟ قال: ورائه