اقتضى إظهار البيعة والرضا ويقتضيه، وليس لهم أن يقولوا: وأي تقية في الولايات؟ لأنه غير ممتنع أن يعرض عليه هذه الولايات ليمتحن بها ويغلب في ظنه أنه إن عدل عنها أو أباها نسب إلى الخلاف واعتقدت فيه العداوة، فلم يأمن المكروه، وهذه حال توجب عليه أن يتولى ما عرض عليه، وكذلك الكلام في تولى عمار الكوفة ونفوذ المقداد في بعوث القوم، على أنه يجوز عندنا تولى الأمر من قبل من لا يستحقه إذا ظن أنه يقوم بما أمر الله تعالى ويضع الأشياء في مواضعها من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولعل القوم علموا ذلك أو ظنوه - انتهى) (1).
قلت: وإذا ضم إلى ذلك الإذن ممن يستحق الأمر - كما حصل لسلمان من أمير المؤمنين عليه السلام - لم يبق للكلام مجال، ومما يدل على عدم رضاء سلمان بذلك ما ذكره إمامهم في حديث ابن قتيبة (2) من: أن ثمانية عشر من الصحابة كانوا رافضيا، وعد منهم سلمان.
تتميم نفعه عميم:
ذهب أصحابنا الإمامية إلى أن وصف الصحبة مع النبي صلى الله عليه وآله لا يصير بنفسه سببا لحسن المتصف بها، فضلا عن أن يصير بها موثقا عادلا، وإن الحكم بتعديل الصحابي وتوثيقه أو مدحه وحسنه كغيره يحتاج إلى ثبوت الإيمان أولا ثم ما يشترط في حصول العدالة من اجتناب الكبائر وعدم الاصرار على الصغائر، أو ما هو سبب للمدح مما هو مذكور في محله، وهذا واضح لا يحتاج إلى دليل وبرهان بعد الرجوع إلى أوصاف المؤمنين والفساق والمرحوم والمعذب في كتاب الله عز وجل، وإن المناط في الجرح والتعديل هو الإطاعة من المطيع والعصيان من العاصي، وقد أبان الله تعالى في كتابه والنبي صلى الله عليه وآله في سنته ما به يطاع ويعصى، وليس مصاحبة