ورأيت الحكاية في موضع آخر مع اختلاف بينهما لم أعتمد عليه فأنقلها، ولعل الله يرزقنا الوقوف على مأخذ معتمد يمكن التعويل عليه، وإن كان الأمر في الأخبار المتعلقة بالفضائل والمناقب سهلا جدا، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله في خطبته في حجة الوداع: (معاشر الناس! إن فضائل علي بن أبي طالب عند الله تعالى، وقد أنزلها الله في القرآن أكثر من أن أحصيها في مقام واحد، فمن أنبأكم بها وعرفها فصدقوه - انتهى) (1).
الثالث: قد لاح لك من جميع الأخبار المتقدمة، صحيحها وضعيفها، خاصيها وعاميها، إن سلمان عليه التحية والسلام، تشرف بشرف الإسلام وفاز بإدراك صحبة سيد الأنام بعد الهجرة في المدينة المنورة، ويظهر من الخرائج والقصص: أنه كان في السنة الأولى منها، وعده في المنتقى من حوادثها، وفيه: (قيل: وإسلامه كان في جمادى الأولى من هذه السنة)، وهو صريح ما مر من تاريخ كزيدة.
فمن الغريب ما ذكره السيد الأيد العارف أفضل المتألهين، حيدر بن علي العبيدلي الحسيني الآملي (2) في كتاب الكشكول في ما جرى على آل الرسول - وهو كتاب لم يعمل مثله في إثبات الخلافة - قال رحمه الله: (خبر جاء في روايات مشايخ الحديث عن عبد الله بن عفيف، عن أبيه قال: كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب بمكة قبل أن يظهر (أمر النبي صلى الله عليه وآله) وكان بمنزلة مؤمن آل فرعون، وإليه الإشارة في القرآن العزيز بالرجل الذي يكتم إيمانه، ثم إن النبي صلى الله عليه وآله اجتمع بسلمان الفارسي فعرفه النبي وعرفه سلمان، فخدمه (سلمان) واتحد به، فرأى النبي صلى الله عليه وآله كفاية سلمان في العلم والعمل والرأي وحسن إسلام سلمان مع النبي صلى الله عليه وآله،