المسجد، فقال (لي) علي عليه السلام: (يا سلمان!) وهل تدري من هو؟ قلت:
لا، ولقد سائتني مقالته، كأنه شامت بموت رسول الله صلى الله عليه وآله، قال علي عليه السلام: فإن ذلك إبليس (لعنه الله)، أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن إبليس ورؤساء أصحابه شهدوا نصب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إياي بغدير خم لما أمره الله تعالى (1) وأخبرهم أني أولى بهم من أنفسهم، وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغئب، فأقبل إلى إبليس أبالسته ومردة أصحابه فقالوا: إن هذه الأمة (أمة) مرحومة معصومة، فما لك ولا لنا عليهم سبيل، قد علموا مفزعهم وإمامهم بعد نبيهم، فانطلق إبليس كئيبا (2) حزينا، قال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (بعد ذلك) فقال: يبايع الناس أبا بكر في ظلة بني ساعدة بعد تخاصمهم بحقنا وحجتنا، ثم يأتون المسجد فيكون أول من بايعه على منبري إبليس في صورة شيخ كبير مستبشر يقول كذا وكذا، ثم يخرج فيجمع (أصحابه و) شياطينه وأبالسته فيخرون سجدا (فيقولون: يا سيدنا ويا كبيرنا! أنت الذي أخرجت آدم من الجنة، فيقول: أي أمة لن تضل بعد نبيها!)، (ثم يقول:) كلا، زعمتم أن ليس لي عليهم سلطان (3)، فكيف رأيتموني صنعت بهم حين تركوا ما أمرهم الله به من طاعته وأمرهم به رسوله، وذلك قول الله تعالى: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين) (4).
قال سلمان: فلما (إن) كان الليل حمل علي عليه السلام فاطمة على حمار وأخذ بيدي ابنيه الحسن والحسين عليهما السلام، فلم يدع أحدا من أهل بدر من المهاجرين ولا من الأنصار إلا أتاه في منزله وذكر حقه ودعاه إلى نصرته فما استجاب له من جميعهم (5) إلا أربعة وأربعون رجلا، فأمرهم أن يصبحوا (بكرة) محلقين رؤوسهم مع سلاحهم، على أن يبايعوه على الموت، فأصبح ولم