وفي الإرشاد للشيخ الأعظم أبي عبد الله المفيد: (حدث جماعة من فزارة وبجيلة، قالوا: كنا مع زهير بن القين البجلي، حين أقبلنا من مكة، فكنا نساير الحسين (بن علي) عليه السلام، فلم يكن شئ أبغض إلينا من أن ننازله في منزل، فإذا سار الحسين عليه السلام ونزل في جانب، فبينا نحن جلوس نتغذى من طعام لنا، إذ أقبل رسول الحسين عليه السلام حتى سلم، ثم دخل فقال يا زهير بن القين! إن أبا عبد الله الحسين عليه السلام بعثني إليك لتأتيه، فطرح كل إنسان منا ما في يده، حتى كأن على رؤوسنا الطير، فقالت له امرأته: سبحان الله! أيبعث إليك ابن (بنت) رسول الله صلى الله عليه وآله ثم لا تأتيه، لو أتيته فسمعت من كلامه ثم انصرفت، فأتاه زهير بن القين فما لبث أن جاء مستبشرا قد أشرق وجهه، فأمر بفسطاطه وثقله ورحله ومتاعه فقوض وحمل إلى الحسين عليه السلام، ثم قال لامرأته: أنت طالق، ألحقي بأهلك فإني لا أحب أن يصيبك بسببي إلا خيرا، ثم قال لأصحابه: من أحب منكم أن يتبعني وإلا فهو آخر العهد، إني سأحدثكم حديثا: أنا غزونا البحر ففتح الله علينا وأصبنا غنائم، فقال لنا سلمان الفارسي رحمه الله: أفرحتم بما فتح الله عليكم وأصبتم من الغنائم؟ قلنا: نعم، فقال: إذا أدركتم سيد شباب آل محمد فكونوا أشد فرحا بقتالكم معهم مما أصبتم اليوم من الغنائم، فإما أنا فأستودعكم الله، قالوا: ثم والله ما زال في القوم مع الحسين عليه السلام حتى قتل).
ورواه السيد في اللهوف (2) وزاد بعد قوله: فقالت له امرأته: (وهي ديلم بنت عمرو)، وبعد قوله: إلا خيرا: (وقد عزمت على صحبة الحسين عليه السلام لأفديه بروحي وأقيه بنفسي، ثم أعطاها (مالها) وسلمها إلى بعض بني عمها ليوصلها إلى أهلها، فقامت إليه وبكت وودعته وقالت: (كان الله