والبصائر أن يكون المقصود إنه لو اطلع على ما في قلب سلمان: (كان يفشيه ويظهره للناس فيصير سببا لقتل سلمان) (1)، وفيه: أنه لا يتأتى في غيره من الأخبار من أنه لو اطلع لكفر، أو أن سلمان لو عرض عليه علم مقداد لكفر، مع أن السبب في قتله الناس موجود فيه، وإن كان هو أقرب إلى سلمان منهم علما ومقاما، غير أنه ما لم يصل إليه كان كغيره.
ومن عجيب ما اطلعنا عليه من شرح هذا الحديث كلام السيد المرتضى (2) رحمه الله في بعض فوائده حيث سئل عن هذا الخبر فقال: (الجواب - وبالله التوفيق -: إن هذا الخبر إذا كان من أخبار الآحاد التي لا توجب علما (ولا عملا) ولا تثلج صدرا، وكان له ظاهر ينافي المقطوع والمعلوم، تأولنا ظاهره على ما يطابق الحق ويوافقه إن كان (ذلك) مستسهلا، وإلا فالواجب اطراحه وإبطاله، وإذا كان من المعلوم الذي لا يحيل سلامة سريرة كل واحد من سلمان وأبو ذر، ونقاء صدر كل واحد منهما لصاحبه، وإنهما ما كانا من المدغلين في الدين ولا المنافقين، فلا يجوز مع هذا المعلوم (أن) يعتقد أن الرسول يشهد بأن كل واحد منهما لو اطلع على ما في قلب صاحبه لقتله على سبيل الاستحلال لدمه، ومن أجود ما قيل في تأويله: إن الهاء في قلبه وعلم موافقة باطنه لظاهره وشدة إخلاصه له، اشتد ضنه (3) به ومحبته له وتمسكه بمودته ونصرته، فقتله ذلك (الضن) أو الود بمعنى إنه كاد يقتله،