في المغرب، وأخذ ثالثة ورمى بها نحو السماء، ورابعة (رماها) إلى الأرض، ثم أخذ خامسة وعاد ألقاها في البحر، فبهتنا لذلك فسألت الخضر عليه السلام عن ذلك فلم يجب، وإذا نحن بصياد يصطاد فنظر إلينا وقال: ما لي أراكما في فكر وتعجب من الطائر؟ قلنا: هو ذلك، قال: أنا رجل صياد قد علمت وأنتما نبيان ما تعلمان؟ قلنا: ما نعلم إلا ما علمنا الله، قال هذا طائر في البحر يسمى مسلم، لأنه إذا صاح يقول في صياحه: مسلم، فأشار برمي المياه من منقاره إلى السماء والأرض والمشرق والمغرب إلى أنه يبعث نبي بعدكما تملك أمته المشرق والمغرب، ويصعد إلى السماء ويدفن في الأرض، وأما رميه الماء في البحر يقول: إن علم العالم عند علمه مثل هذه القطرة، ووارث علمه وصيه وابن عمه، فسكن ما كنا فيه من المشاجرة، واستقل كل واحد منا علمه بعد أن كنا معجبين بأنفسنا، ثم غاب الصياد عنا فعلمنا أنه ملك بعثه الله تعالى إلينا ليعرفنا حيث ادعينا الكمال.) (1) أقول: وينافي ظاهرهما معا ما رواه العياشي والصفار، فعن تفسير الأول عن الصادق عليه السلام في حديث طويل في قصة موسى والخضر: (قال:
(ثم) إنه جاء طير فوقع على ساحل البحر ثم أدخل منقاره فقال: يا موسى! ما أخذت (2) من علم ربك ما حمل ظهر منقاري من جميع البحر) (3)، وفي بصائر الثاني مسندا عن أبي جعفر عليه السلام قال: (لما لقى موسى العالم كلمه وسأله، فنظر إلى خطاف يصفر ويرتفع في السماء ويتسفل في البحر، فقال العالم لموسى: أتدري ما يقول هذا الخطاف؟ قال: وما يقول؟ قال: يقول: ورب السماء و (رب) الأرض ما علمكما من علم ربكما إلا مثل ما أخذت بمنقاري من هذا البحر، قال: فقال أبو جعفر عليه السلام: أما (إني) لو كنت عندهما لسئلتهما عن مسألة لا يكون عندهما فيها علم) (4)