غير متمكن في القلب، لأن الحرف هو الطرف وذاك بغير برهان ولا يقين، فإن أصابه خير، يعني إن سمع ما يلائم عقله الضعيف اطمأن به وركن إليه، وإن أصابه فتنة، وهو سماع ما لم يحط به خبرا، فهناك لا يوسعك عذرا بل يبيح منك محرما ويتهمك كفرا، وإليه الإشارة بقوله عليه السلام: (لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله)، - وفي رواية لكفره -، لأن صدر أبي ذر ليس بوعاء لما في صدر سلمان من أسرار الإيمان وحقائق ولي الرحمن، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله: (أعرفكم بالله سلمان) - ثم قال: - وذلك لأن مراتب الإيمان عشرة، فصاحب الأولى لا يطلع على الثانية، وكذا كل مقام منها لا ينال ما فوقه، ولا يزدري من تحته، لأن من فوق درجته أعلى منه، وغاية الغايات منها معرفة علي بالإجماع، وإنما قال: (لقتله)، لأن أبا ذر كان ناقلا للأثر الظاهر وسلمان (كان) عارفا ب (السر) الباطن، ووعاء الظاهر لا يطيق حمل الباطن، (قد علم كل أناس مشربهم) (1).) (2) ويؤيده ما في كنز الكراجكي: (إن سلمان قال مخاطبا لأمير المؤمنين عليه السلام: بأبي أنت وأمي يا قتيل كوفان، والله لولا أن يقول الناس:
واشوقاه رحم الله قاتل سلمان، لقلت فيك مقالا تشمئز منه النفوس - الخبر) (3) فظهر أن أبا ذر لو اطلع على ما في قلب سلمان لقتله، لزعمه أن تلك المرتبة من المعرفة كفر وارتداد، وكذا بالعكس صاعدا ونازلا.
واحتمل ذو الفيض القدسي، مولانا المجلسي (4) في شرح الكافي