سريرتك كعلانيتك: إن الذي دل عليه العقل، وهو البرهان القاطع، والنقل، وهو النور الساطع، إن مناط الفضل وملاكه الذي عليه المدار في التفضيل إنما هو بالغاية التي خلق لأجلها، فإن شرف الشئ بغايته، وهي في خلق الثقلين معرفة الله تعالى، بقوله تعالى: ﴿ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ (١): أي ليعرفون - كما ورد عنهم (٢) -، وقوله تعالى في الحديث القدسي: (كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعف فخلقت الخلق لكي أعرف) (٣)، وفي أصل زيد الزراد من الأصول الأربعمأة عنه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (قال أبو جعفر عليه السلام: يا بني! اعرف منازل شيعة علي على قدر روايتهم ومعرفتهم، فإن المعرفة هي الدراية للرواية، وبالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلى أقصى درجة الإيمان، إني نظرت في كتاب لعلي عليه السلام فوجدت فيه: إن زنة كل امرئ وقدره معرفته، إن الله عز وجل يحاسب العباد على قدر ما آتاهم من العقول في دار الدنيا) (٤)، وطريق الوصول إلى تلك الغاية منحصر في العلم والعمل، فالفضل فيهما، وعبر عنهما بالتقوى في قوله تعالى: ﴿إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ (5).
وقال الصادق عليه السلام لعنوان البصري: (ليس العلم بالتعلم، إنما هو نور يقع في قلب من يريد الله تبارك وتعالى أن يهديه، فإن أردت العلم فاطلب أولا في نفسك حقيقة العبودية واطلب العلم باستعماله واستفهم الله يفهمك، فقال (6): (يا أبا عبد الله!) ما حقيقة العبودية؟ قال: ثلاثة أشياء:
أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوله الله ملكا، لأن العبيد لا يكون لهم ملك، يرون المال مال الله يضعونه حيث أمرهم الله به، ولا يدبر العبد لنفسه تدبيرا،