ومن جميع ذلك ظهر ما في كلام الفاضل الطبرسي في شرح الكافي حيث قال: (المراد بما في قلب سلمان العلوم والأسرار، ومنشأ القتل هو الحسد والعناد، وفيه مبالغة على التقية من الإخوان فضلا عن أهل الظلم والعدوان) (١)، وجه الضعف ما عرفت من عدم تماميته فيما دل على العكس وإن السبب عدم التحمل لا التمني.
ثم إنه رحمه الله قال: (قان قلت: هل فيه لؤم لأبي ذر؟ قلت: لا، لأن المقصود في مواضع استعمال (لو)، هو أن عدم الجزاء مترتب على عدم الشرط وأما ثبوته فقد يكون محالا لابتنائه على ثبوت الشرط، وثبوت الشرط قد يكون محالا عادة أو عقلا، كعلم أحدنا بجميع ما في قلب الآخر وثبوت حقيقة الملكية للمتكلم في قوله: لو كنت ملكا لم أعص، ومن هذا القبيل قوله تعالى: ﴿لئن أشركت ليحبطن عملك﴾ (2)، على أنه يمكن أن يكون المقصود من التعليق هو التعريض بوجوب التقية وكتمان الأسرار على من يخاف منه الضرر، كما في قولك:
والله لو شتمني الأمير ما شتمك ولو شتمك لما أمكنك ضربه، فليتأمل - انتهى.) (3) ولعل وجه التأمل هو عدم الحاجة إلى معرفة جميع ما في قلب سلمان، مع أنه ممكن أيضا، بل ما هو سبب لتكفيره وقتله، ولعله مرتبة من المعرفة والاعتقاد، يتبين بسهولة إن أذن في كشفه، وأما حكاية التعريض فينافيه خروج أبي ذر مذعورا من عند سلمان لما رأى نزرا من عجائبه وقول أمير المؤمنين عليه السلام لسلمان: (إرفق بصاحبك.)