الأوصياء، قال: فخدمه حتى حضرته الوفاة فقال له: يا هذا! إنه قد حضرتك (1) ما ترى وأنا بك واثق، فمن الخليفة بعدك الذي أكون معه أقوم معه مقامي معك؟ قال: فدله على رجل كان بأرض الروم، قال: فمضى إليه وإذا بشيخ كبير عالم، فلم يلبث إلا يسيرا حتى حضرته الوفاة فقال (له) مثل ما قال لأصحابه، فقال: ليس لك إلى ذاك حاجة، في هذه السنة المقبلة يظهر نبي بأرض يثرب وهو راكب البعير الذي بشر به المسيح عيسى بن مريم، فانطلق حتى تكون معه، فلما أن فرغ من دفنه مضى على وجهه وقد أخذ صفته، وأنه يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة (و) بين كتفيه خاتم النبوة، قال: فبينا هو يسير إذ هجم على خلق كثير مجتمعين في صحراء حولها غياض وقد أخرجوا زمناهم ومرضاهم، قال: فسلم عليهم وقال لهم:
ما قصتكم ولأي شئ اجتماعكم؟ فقالوا: نحن نجتمع في كل سنة في مثل هذا الوقت لأنه يخرج علينا من هذه الغيضة عبد صالح فنسأله أن يدعوا الله، فيشفي زمنانا ويبرئ مرضانا، فربما أقمنا اليوم واليومين، وأكثر ما يخرج الينا في اليوم الثالث، قال: فأقام معهم فلما كان من غد اليوم الذي قدم فيه، إذا هم برجل قد خرج في ثوبين أبيضين، فقاموا إليه يسألونه حوائجهم، فلما أن فرغوا (2) تبعه سلمان فقال له: ما تريد؟ قال أنا رجل كنت أخدم العلماء من أبناء حواري عيسى عليه السلام فقالوا لي: إنه يظهر نبي بيثرب في هذه السنة المقبلة، فخرجت في طلبه فأردت أن أسألك، أصدقوني؟ قال: نعم صدقوك، منزله اليوم مكة وستلقاه، فإذا لقيته فأقرأه السلام عني كثيرا، قال: فلما أسم سلمان ولقي رسول الله صلى الله عليه وآله فحدثه حديثه قال له النبي صلى الله عليه وآله ذاك أخي عيسى عليه السلام) (3).
الغياض جمع غيضة: الأجمة، وهي مغيض ماء يجتمع فينبت فيه