يظهر منك شئ، قلت: لا تخف، قال: إن في هذا الجبل قوما لهم عبادة وصلاح يذكرون الله ويذكرون الآخرة ويزعمون أنا على غير دين قلت:
فاذهب (بي) معك إليهم، قال: حتى استأمرهم، فاستأمرهم فقالوا: جئ به، فذهبت معه فانتهيت إليهم، فإذا هم ستة أو سبعة، وكأن الروح قد خرجت منهم من العبادة، يصومون النهار ويقومون الليل (و) يأكلون الشجر وما وجدوا، فصعدنا إليهم فحمدوا الله (تعالى) وأثنوا عليه وذكروا من مضى من الرسل (والأنبياء) حتى خلصوا إلى عيسى بن مريم، قالوا: ولد بغير ذكر وبعثه الله رسولا وسخر له ما كان يفعل من إحياء الموتى وخلق الطير وإبراء الأعمى والأبرص، فكفر به قوم وتبعه قوم، ثم قالوا: يا غلام! إن لك ربا وإن لك معادا وإن بين ذلك جنة ونارا إليهما تصير، وإن هؤلاء القوم الذين يعبدون النيران أهل كفر وضلالة لا يرضى (الله) بما يصنعون وليسوا على دين، ثم انصرفنا، ثم عدنا إليهم فقالوا مثل ذلك وأحسن، فلزمتهم ثم اطلع عليهم الملك فأمرهم بالخروج من بلاده فقلت: ما أنا بمفارقكم، فخرجت معهم حتى قدمنا الموصل، فلما دخلوا حفوا بهم، ثم أتاهم رجل من كهف جبل فسلم وجلس فحفوا به، فقال لهم: أين كنتم؟ فأخبروه فقال: ما هذا الغلام معكم؟ فأثنوا علي خيرا وأخبروه باتباعي إياهم، ولم أر مثل إعظامهم (له)، فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر من أرسله الله من رسله وأنبيائه وما لقوا وما صنع بهم حتى ذكر عيسى بن مريم، ثم وعظهم وقال:
اتقوا الله وألزموا ما جاء به عيسى ولا تخالفوا يخالف بكم، ثم أراد أن يقوم فقلت: ما أنا بمفارقك، فقال: يا غلام! إنك لا تستطيع أن تكون معي إني لا أخرج من كهفي إلا كل يوم أحد، قلت: ما أنا بمفارقك، فتبعته حتى دخل الكهف، فما رأيته نائما ولا طاعما إلا راكعا وساجدا إلى الأحد الآخر، فلما أصبحنا خرجنا واجتمعوا إليه، فتكلم نحو المرة الأولى ثم رجع إلى الكهف (1) ورجعت معه فلبثت ما شاء الله أن يخرج في كل يوم أحد