وضعفه، وقد أكثر عنه العياشي أيضا، وهما من وجوه المشايخ الجلة وسناد أصحاب الرواية وعمادهم في المذهب والملة، وليس النقل عن الغالي حقيقة والتمسك به فيما يتعلق بأمور الدين إلا كالرواية عن أحد من الكفار والزنادقة والاعتماد عليها فيها، وهذا ما لا يرتضيه المستضعف ومن لا يبالي من أن يأخذ دينه عن كل بر وفاجر، فلا محالة يكون الوجه فيما فعله الكشي أحد أمور:
الأول: أن لا يكون (نصر) عنده غاليا ولا يعتقد فيه ذلك وإنما كان متهما عند بعضهم، فالنقل عنه لاعتماده عليه، وتصريحه بالغلو للإشارة إلى الاتهام، ويشهد لذلك قوله في ترجمة جابر بعد ذكر خبر في سنده (نصر): (ورواته كلهم متهمون بالغلو والتفويض) (1)، وهذا هو الظاهر من حال (نصر) كما يظهر من ترجمته واخترناه. وقال في ترجمة عباس بن صدقة: (قال نصر بن الصباح: العباس بن صدقة وأبو العباس الطرياني (2) وأبو عبد الله الكندي - المعروف بشاه رئيس - كانوا من الغلاة الكبار الملعونين) (3)، ولم يذكر عن غيره شيئا فكيف يكون غاليا وهو يلعنهم، وكيف اعتمد هو عليه في شهادته عليهم إن لم يكن عنده مقبول الشهادة، فافهم، إلى غير ذلك من الشواهد والقرائن.
الثاني: أن يكون مراده من الغلو هو الغلو بالمعنى الذي لا يوجب الكفر ورد الرواية، فإن له مراتب ودرجات يرمي قائل كل واحد منها إلى الغلو، أعلاها نفى سمات الحدوث عن الأئمة عليهم السلام والقول بألوهيتهم وقدمهم ونفى إله معبود لهم، وأدناها ما أشار إليه الصدوق في عقائده من:
(أن علامة الغلو أن ينسب مشايخ القميين وعلمائهم إلى التقصير) (4)، قال المفيد رحمه الله في شرح تلك العبارة بعد كلام له: (وقد سمعنا حكاية ظاهرة