ويخرجون إليه ويعظهم ويوصيهم، فخرج في الأحد فقال مثل ما كان يقول، ثم قال: يا هؤلاء! إني قد كبر سني ودق عظمي وقرب أجلي وإني لا عهد لي بهذا البيت - يعني بيت المقدس - منذ كذا وكذا سنة، فلا بد لي من إتيانه، فقلت: ما أنا بمفارقك، فخرج وخرجت معه حتى أتيت إلى بيت المقدس، فدخل وجعل يصلي وكان فيما يقول لي: يا سلمان! إن الله سوف يبعث رسولا اسمه أحمد، يخرج من جبال تهامة، علامته أن يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، وهذا زمانه الذي يخرج فيه قد تقارب، فأما أنا فشيخ كبير لا أحسبني (أن) أدركه، فإن أدركته (أنت) فصدقه واتبعه، فقلت: وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه؟ قال: وإن أمرك، ثم خرج من بيت المقدس وعلى بابه مقعد، فقال (له): ناولني يدك، فناوله يده فقال له: قم باسم الله، فقام كأنما نشط من عقال (1)، فقال لي المقعد: يا غلام!
احمل على ثياب حتى أنطلق، فحملت عليه ثيابه، فذهب الراهب وذهبت في أثره أطلبه، كلما سئلت عنه قالوا: أمامك، حتى لقيني ركب من كلب فسألتهم فلما سمعوا لغتي أناخ رجل (منهم) بعيره وحملني عليه فجعلني خلفه حتى أتوا (بي) إلى بلادهم فباعوني، فاشترتني امرأة من الأنصار فجعلتني في حائط لها، أي بستان، وقدم رسول الله صلى الله عليه وآله (المدينة) فأخبرت به، فأخذت شيئا من تمر حائطي، ثم أتيته فوجدت عنده أناسا، فوضعته بين يديه فقال: ما هذا؟ قلت: صدقة، فقال للقوم: كلوا، ولم يأكل هو، ثم لبثت ما شاء الله ثم أخذت مثل ذلك، ثم أتيته فوجدت عنده أناسا، فوضعته بين يديه فقال: ما هذا؟ فقلت: هدية، قال: باسم الله، وأكل وأكل القوم، فقلت في نفسي: هذه من آياته، ويحتاج للجمع بين هذه الرواية و (بين) ما تقدمها على تقدير صحتها، وفي الدر المنثور: إن امرأة من جهينية اشترته وصار يرعى غنما لها، بينا هو يوما يرعى إذ أتاه صاحب له فقال له: أشعرت أنه قد قدم اليوم المدينة رجل يزعم أنه نبي؟ فقال له