بيان الملازمة: إن بتقدير عدم معرفة المنعم لا يمكن شكره، وما لا يمكن أولى بأن لا يجب. بيان بطلان اللازم: إن العاقل إذا فكر في خلقه وجد آثار النعمة عليه ظاهرة، وقد تقرر في عقله وجوب شكر المنعم فيجب عليه شكره فيجب إذن معرفته.
بيان الثاني: إنه لو لم يجب الشرط لوجوب مشروطه لكان التكليف به تكليفا بما لا يطاق وأنه قبيح عقلا، وسيأتي الكلام فيه في مسألة الحسن والقبح إن شاء الله.
فإن قيل: لا نسلم وجوب المعرفة، ولم لا يكفي التقليد أو الظن الغالب، فإن من اعتقد المنعم وإن لم يعلمه صح منه أن يشكره، وكذلك إذا خاف يندفع خوفه بالفرع إلى الاعتقاد الجازم وإن لم يكن يقينا. سلمناه لكن لم قلتم إنه لا طريق إلى المعرفة سوى النظر. ثم إنا نتبرع بذكر طرق أخر: منها قول المعصوم. ومنها الإلهام. ومنها تصفية الخاطر كما يقوله بعض المتصوفة. وإنما يجب لو لم يكن غيره طريقا. سلمناه لكن لم قلتم إن ما كان شرطا للواجب كان واجب. قوله: يلزم تكليف ما لا يطاق. قلنا: ولم لا يجوز أن تكون التكاليف بأسرها كذلك.
والجواب عن الأول:
قوله " لا نسلم وجوب المعرفة " قلنا: بينا ذلك.
قوله " ولم لا يكفي التقليد أو الظن الغالب " قلنا: لأن الاعتقاد الحاصل بالتقليد غير كاف في دفع خوف الضرر المظنون في ترك المعرفة، لا المقلد لا يأمن خطأ من قلده ويستوي عنده الصادق والكاذب، ومتى ميز بينهما لم يكن مقلدا. وأما الظن فممكن الزوال، وفي زواله خطر عظيم، فلا يندفع به خوف