(الثاني إنه أذن لهم في إظهار السحر لقوله ألقوا ما أنتم ملقون) وإظهاره حرام فيكون إذنه أيضا حراما * (الجواب إنه) أي إظهار السحر (لم يكن حراما حينئذ) فإنه مما تختلف فيه الشرائع بحسب الأوقات (أو علم) موسى (أنهم يلقون) سواء (أذن لهم أم لا بدليل ما أنتم ملقون) فلا يكون ذلك الإذن حراما بل فيه قلة مبالاة بسحرهم (أو أراد إظهار معجزته) في عصاه وتلقفها لما أفكوه (ولا يتم) ذلك الإظهار في ذلك المقام (إلا بذلك) الإذن (فكان واجبا لكونه) مقدمة للواجب (أو أراد) ألقوا ما أنتم ملقون (إن كنتم محقين نحو فأتوا بسورة من مثله إلى قوله إن كنتم صادقين * الثالث) قوله (وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه هارون كان نبيا فإن كان له ذنب) استحق به التأديب من موسى (فذاك والمطلوب ولا فايذاؤه) بلا استحقاق (ذنب) صدر عن موسى (والجواب أنه لم يكن ذلك) الجر (على سبيل الايذاء بل كان يدنيه إلى نفسه ليتفحص منه حقيقة الحال في تلك الواقعة (فخاف هارون أن يعتقد بنو إسرائيل خلافه) أي يعتقدوا أنه يؤذيه وذلك (لسوء ظنهم بموسى) حتى أنه لما
مات هارون في غيبتهم قالوا إن موسى
قتله وقد أجيب أيضا بأن موسى لما رأى جزع هارون واضطرابه لما جرى من قومه أخذه ليسكنه من قلقه كما يفعل الواحد منا إذا أراد إصلاح غضبان أو تسكين مصاب وبأن موسى لما غالب عليه الهم واستيلاء الفكر أخذ برأس أخيه لا على طريقة الايذاء بل كما يفعل الإنسان بنفسه عن عض يده وشفته وقبضه على لحيته إلا أنه نزل أخاه منزلة نفسه لأنه كان شريكه فيما يناله من خير أو شر قال الآمدي لا يخفي بعد هذه التأويلات وخروجها عن مذاق العقل * (الرابع قوله) أي قول موسى (للخضر لقد جئت شيئا أمر وشيئا نكرا) وذلك الفعل لم يكن منكرا فكان كلام موسى خطأ وقد يقال إن كان فعل الخضر منكرا فذاك وإلا كان موسى كاذبا (قلنا) أراد منكرا (من حيث الظاهر) على معنى أن من نظر إلى ظاهر هذه الواقعة ولم
____________________
المباحة للتخلص عن يد الظالم والتولي عن مجتمعهم (قوله أي قول موسى عليه السلام للخضر) قيل يحتمل أن يكون هذا من موسى قبل النبوة لأنه بعد ما أرسل لم يكن له وقت يصرفه في تعلم العلم بل هو المتكلم من العليم الحكيم وقيل إن موسى عليه السلام ههنا غير موسى النبي عليه السلام إلا أن يكون صاحبه غير الخضر لأن التواريخ نطقت بأن الخضر المعهود لم يكن في زمن موسى بل ولد بعد وفاته بسنتين والمذكور في تفسير القاضي وغيره أن موسى عليه السلام خطب بعد هلاك القبط ودخوله مصر خطبة بليغة فأعجب بها فقيل له هل تعلم أحدا أعلم منك فقال لا فأوحى الله تعالى إليه بل عندنا خضر وهو بمجمع البحرين وكان الخضر في أيام افريدون الملك