وأن يغفر لهم مبالغة في الحلم والشفقة وقوله فغفرنا له أي غفرنا لأجل حرمته وبركة شفاعته ذلك الفعل المنكر الذي أتى به أولئك المتسورون وحينئذ لا يحتاج إلى نسبة
الكذب إلى الملائكة وحمل النعاج على النسوان وخلط الذمة البليغة بأوصاف الكمال قال الإمام الرازي من أنصف علم أن الحق الصريح ما ذكرناه وأن تلك القصة كاذبة باطلة على الوجه الذي يرويها عليه أهل الحشوية (ومنه قصة
سليمان) عليه السلام والتمسك بها (من وجهين) بل من وجوه (الأول) التمسك بقوله تعالى (إذ عرض عليه بالعشي) أي بعد الزوال (الصافنات الجياد الآية) فإن ظاهره يدل على أن اشتغاله بتلك الصافنات ألهاه عن ذكر الله حتى روي أنه فاتت عنه
صلاة العصر (والجواب أنه لا دلالة فيه على فوت
الصلاة مع أنه إذا كان فوتها بالنسيان لم يكن ذنبا وقوله أحببت حب الخير مبالغة في الحب) فإن الإنسان قد يحب شيئا ولكن لا يحب أن يحبه فإذا أحبه وأحب أن يحبه فذلك هو الكمال في المحبة (و) قوله (عن ذكر ربي أي بسببه) كما يقال سقاه عن العيمة أي لأجلها فالمعنى أن ذلك الحب الشديد إنما حصل بسبب ذكره أي أمره (لا بالهوى) وطلب الدنيا وذلك (لأن رباط الخيل) في دينهم كان (بأمره) كما في ديننا إذ هو مندوب إليه (و) قوله (فطفق مسحا معناه يمسح رؤسها وأعناقها إكراما لها) وإظهارا لشدة شفقته عليها لكونها من أعظم الأعوان في دفع أعداء الدين (وحمله على قطعها) كما ذهب إليه طائفة حيث قالوا المعنى أنه عليه
الصلاة والسلام جعل يمسح السيف بسوقها وأعناقها أي يقطعها أما غضبا عليها بسبب ما جرى عليه من أجلها وأما للتصديق بها (ضعيف) جدا (إذ لا دلالة للفظ عليه) كما في قوله وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم نعم لو قيل مسح السيف برأسه لربما فهم منه ضرب العنق وأما إذا لم يذكر السيف لم يفهم القطع البتة (ورجوع ضمير تواترت إلى الشمس أبعد المحتملين) يريد أن ذلك الضمير يحتمل أن يعود إلى الشمس إذ قد جرى ماله تعلق بها وهو العشي وأن يعود إلى الصافنات وهذا أولى لأنها مذكورة صريحا دون الشمس
____________________
الواقع ولذا قال أساء الظن (قوله الصافنات الجياد) الصافن من الخيل القائم على ثلاث قوائم وقد أقام الرابعة على طرف الحافر (قوله سقاه عن العيمة) العيمة بالعين المهملة شهوة اللبن يقال عام الرجل يعيم ويعام عيمة والغيم بالغين المعجمة العطش والخوف وهذا وإن كان أنسب بالسياق إلا أن الغيمة بالتاء لم يذكر في الصحاح وإنما المذكور الغيم بدونها (قوله أي أمره) حمل الذكر على الأمر لأن الأمر سبب الذكر (قوله لأن رباط الخيل) الرباط المرابطة