الله عليه وسلم في علاج القلوب المريضة وإزالت ظلماتها أكمل وأتم وجب القطع بكونه نبيا هو أفضل الأنبياء والرسل قال الإمام الرازي في المطالب العالية وهذا برهان ظاهر من باب برهان اللم فإنا بحثنا عن حقيقة النبوة وبينا أن تلك الماهية لم تحصل لأحد كما حصلت له عليه
الصلاة والسلام فيكون أفضل ممن عداه وأما إثباتها بالمعجزة فمن باب برهان الإن قال المصنف (وهذا) المسلك (قريب من مسلك الحكماء) إذ حاصله إن الناس في معاشهم ومعادهم محتاجون إلى مؤيد من عند الله يضع لهم قانونا يسعدهم في الدارين (واعلم أن المنكرين لبعثته عليه
الصلاة والسلام خاصة قومان أحدهما القادحون في معجزته كالنصارى وقد مر ما فيه كفاية) لدفع مقالتهم (وثانيهما اليهود إلا العيسوية) منهم (فإنهم سلموا بعثته لكن إلى العرب خاصة لا إلى الخلق كافة واحتجوا) أي اليهود المنكرون (بوجهين * الأول إن نبوته تقتضي نسخ) دين (من قبله) إذ قد خالفهم في كثير من
الأحكام الشرعية العملية (باتفاق منكم لكن النسخ) أمر (محال لأنه يدل) أما (على
الجهل أو البداء وكلاهما محال على الله تعالى بيانه إنه) لا بد أن يكون الحكم الصادر عنه تعالى مشتملا على مصلحة لئلا يلزم الترجيح بلا مرجح وحينئذ (لو كان فيه) أي في الحكم المنسوخ (مصلحة لا يعلمها) أي لا يعلم فواتها بنسخة فلذلك نسخه (فالجهل وإن كان يعلمها فرأى رعايتها أولا ثم أهملها بلا سبب ثانيا فالبداء) أي الندم عما كان يفعل (والجواب إنه لا يجب رعاية المصلحة) في الأحكام (عندنا) فلا يلزم اشتمال الحكم المنسوخ على مصلحة (وإن وجب) أن تراعي المصالح في الأحكام فربما حدثت مصلحة لم تكن حاصلة قبل فإن المصالح تختلف بحسب
____________________
خاصة وإن كانت البعثة عامة (قوله من باب برهان اللم) قيل البرهان اللمي هو الاستدلال بالعلة على المعلول وكون ما ذكر من تتميم مكارم الأخلاق وغيره علة للنبوة إنما يظهر على أصل الحكيم وأما على أصل المتكلمين فلا لا أن يحمل على العلة العادية (قوله إلا العيسوية الخ) احتجوا بقوله تعالى وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه وجوابه إن المراد بالقوم يحتمل أن يكون قوما نشأ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فيهم لأمته على أن تسليم رسالته ولو خاصة تستلزم تسليم صدقه وقد ثبت بالتواتر إنه صلى الله عليه وسلم ادعى أنه مبعوث إلى كافة الأمم لا إلى العرب خاصة (قوله لكن النسخ أمر الخ) فحينئذ يرد عليهم أنه جاء في التوراة إن الله تعالى قال لآدم عليه السلام وحواء قد أحل لكما كل ما دب على وجه الأرض وقد حرم على نوح بعض الحيوانات وحرم الجمع بين الأختين في شريعة موسى عليه السلام مع إباحته في شريعة آدم عليه السلام فكيف يدعون استحالة النسخ مطلقا (قوله أي لا يعلم فواتها) حمل الكلام على حذف المضاف ولم يحمله على ظاهره من عدم علم المصلحة لئلا يختل الحضر