شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٢٧٦
(وأراد أن ملك الدنيا موروث) أي ينتقل من واحد إلى آخر (فطلب) من ربه بعد ما شفى من مرضه الشديد (ملك الدين) الذي لا يمكن فيه الانتقال فقوله ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي أي ملكا لا يمكن أن ينتقل عني إلى غيري (وأراد الملك العظيم من القناعة) وذلك إن الاحتراز عن لذات الدنيا مع القدرة عليها مما لا يمكن عادة فطلب الملك العظيم في الدنيا مع اشتغاله بطاعة ربه وعدم التفاته إلى ذلك الملك العظيم ليعلم الناس أن زخارف الدنيا لا تمنع من خدمة المولى (ومنه قصة يونس) عليه السلام فإنه ذهب مغاضبا وظن أن لن يقدر الله عليه واعترف بكونه ظالما والغضب ذنب والشك في قدرة الله تعالى كفر والظلم أيضا ذنب (والجواب لعل غضبه كان على قوم كفرة) بالغوا في العناد والمكابرة حتى عيل صبره ولم يطلق المصابرة معهم فهذا غضب لله على أعدائه فلا يكون ذنبا (فظن أن لن نقدر عليه أن لن نضيق عليه) فإنه مشتق من القدر كما في قوله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر لا من القدرة (وإني كنت من الظالمين أي لنفسي بترك الأولى) فاعترافه بالظلم هضم للنفس واستعظام لما صدر عنها مبالغة في التضرع (ولا تكن كصاحب الحوت أي في قلة الصبر) على الشدائد والمحن لتناول أفضل الرتب وليس معناه لا تكن مثله في ارتكاب الذنب (ومنه قصة نبينا صلى الله عليه وسلم (والاحتجاج بها من وجوه) الأول ووجدك ضالا فهدي) ولا شك أن الضال عاص (الجواب إنه قبل النبوة أو) أراد (ضالا في أمور الدنيا) ويجب حمله على هذا (لقوله تعالى ما ضل صاحبكم وما غوى) إذ المراد به نفي الضلالة والغواية في أمور الدين بلا شبهة فوجه التوفيق بينهما ما ذكرنا * (الثاني ما روي أنه) عليه الصلاة والسلام لما أشد عليه إعراض قومه عن دينه تمنى أن يأتيه من الله ما يتقرب به إليهم ويستميل قلوبهم فأنزل الله عليهم سورة والنجم فلما اشتغل بقراءتها (قرأ بعد قوله تعالى أفرأيتم اللات والعزى ومنات الثالثة الأخرى تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى) فلما سمعه قريش
____________________
قلت يحتمل أن يكون مراده من قوله من بعدي من غيري في زماني ويقرب منه قول القاضي أي لا ينبغي لأحد أن يسلبه مني بعد هذه السلبة (قوله أو أراد ضالا في أمور الدنيا) قيل إنه عليه السلام ضل في بعض شعاب مكة فرده أبو جهل إلى عبد المطلب وقيل أضلته حليمة عند باب مكة حين فطمته وجاءت به على عبد المطلب وقيل ضل في طريق الشام حين خرج به أبو طالب (قوله أفرأيتم اللات والعزى ومنات الثالثة الأخرى) هي أصنام كانت لهم والثالثة والأخرى صفتان للمنات وفائدتهما التأكيد كقوله يطير بجناحيه أو الأخرى من التأخر في الرتبة (قوله تلك الغرانيق العلى) الغرنيق بضم الغين المعجمة وفتح النون من طير الماء طويل العنق وإذا وصف به الرجال
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344