ولم يذنبوه (الثامن إنه تعالى قسم المكلفين إلى
حزب الله وحزب الشيطان فلو أذنبوا لكانوا من حزب الشيطان) وذلك لأن المطيع من
حزب الله اتفاقا فلو كان المذنب منه أيضا لبطل التقسيم (فيكونون) أي الأنبياء المذنبون (خاسرين لقوله تعالى ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون) مع أن الزهاد من آحاد الأمة داخلون في المفلحين فيكون واحد من آحاد الأمة أفضل بكثير من الأنبياء وذلك مما لا شك في بطلانه (التاسع قوله تعالى في إبراهيم وإسحاق ويعقوب) والأنبياء الذين استجيبت دعوتهم (أنهم كانوا يسارعون في الخيرات والجمع المحلى بالألف واللام للعموم) فيتناول جميع الخيرات من الأفعال والتروك (وقوله إنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار وهما) يعني قوله المصطفين وقوله الأخيار (يتناولان جميع الأفعال والتروك لصحة الاستثناء) إذ
يجوز أن يقال فلان من المصطفين إلا في كذا ومن الأخيار إلا في كذا فدل على أنهم كانوا من المصطفين الأخيار في كل الأمور فلا
يجوز صدور ذنب عنهم لا يقال الاصطفاء لا ينافي صدور الذنب بدليل قوله تعالى ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم
ظالم لنفسه الآية فقسم المصطفين إلى
الظالم والمقتصد والسابق لأنا نقول الضمير في قوله فمنهم راجع إلى العباد لا إلى المصطفين لأن عوده إلى أقرب المذكورين أولى (فهذه حجج العصمة) أوردها الإمام الرازي في الأربعين وغيره من تصانيفه قال المصنف (وأنت تعلم أن دلالتها في محل النزاع وهي عصمتهم عن الكبير سهوا وعن الصغيرة عمدا ليست بالقوية) فإن الاتباع إنما يجب فيما يصدر عنهم قصد إلا سهوا ويشترط في القصد أن لا ينهانا عنه ورد
الشهادة مبني على الفسق الذي لا ثبوت له في الصغيرة عمدا ومع الكبيرة سهوا وأما الزجر فإنما يجب في حق المتعمد للكبائر دون الساهي والصغيرة النادرة عمدا معفوة عن مجتنب الكبائر وعليك بالتأمل في سائر الدلائل (واحتج المخالف) الذاهب إلى جواز صدور الكبائر عنهم بعد
البعثة سهوا وجواز الصغائر عمدا أيضا (بقصص الأنبياء)
____________________
قوله فلو أذنبوا لكانوا من حزب الشيطان) فيه إن حزب الشيطان الكافر كما يدل عليه سياق الآيات في آخر سورة المجادلة ولو سلم العموم فهو المذنب الغير التائب أو العامد (قوله التاسع الخ) فيه إنه لا عموم له لجميع الأنبياء ولو سلم فلا ينفى السهو على صحة الاستثناء في استعمال ما لا يستلزم صحته في هذا الاستعمال (قوله فإن الاتباع إنما يجب الخ) قيل عليه لا يخفى أن المخاطب إنما يأخذ الحكم من المبلغ وأمر السهو النسيان وفلتات اللسان ليس مما يعرفه المخاطب أنه كذلك حتى يجتنب عن الاتباع وهو مأمور بالاتباع فلو جوز ذلك لزم جواز الاتباع بل