العلم بأنه سيقع مع
الجهل بأنه عالم بأنه وقع وبالعكس وغير المعلوم غير المعلوم فيثبت حينئذ تغاير العلمين ابتداء ويشهد لما قلناه قوله (وقد يعبر عن هذا) الثالث (بأن قبل الوقوع اعتقاد أنه سيقع علم واعتقاد أنه وقع
جهل وبعد الوقوع وبالعكس فتغايرا) لتنافي وصفيهما أعني العلمية والجهلية كتنافي وصف المعلومية والمجهولية المعتبرتين في الوجه الثالث وقد عده الإمام الرازي وجها برأسه ثم أن أبا الحسين بعد إبطاله جواب مشايخه التزم وقوع التغير في علم الباري سبحانه وتعالى بالمتغيرات وزعم أن ذاته تعالى تقتضي كونه عالما بالمعلومات بشرط وقوعها فيحدث العلم بها عند وجودها ويزول عند زوالها ويحصل علم آخر ورد عليه بأنه يلزم منه أن لا يكون الباري سبحانه وتعالى في الأزل عالما بأحوال وجودات الحوادث وهو تجهيله له تعالى عنه * السادسة من الفرق المخالفين (من قال لا يعلم الجميع بمعنى سلب الكل) أي رفع الايجاب الكلي (لا) بمعنى (السلب الكلي) كما زعمته الفرقة الثانية (إذ لو علم كل شئ فإذا علم شيئا علم) أيضا (علمه به) لأن هذا العلم شئ من الأشياء ومفهوم من المفهومات (وكذا علم علمه بعلمه) لأنه شئ آخر (ويلزم التسلسل) في العلوم (والجواب أنه تسلسل في الإضافات) لا في أمور موجودة لأن العلم من قبيل الإضافة والتعلق عندنا وأنه) أي تسلسل الإضافات (غير ممتنع) كما مر غير مرة قبل نقول (كيف) يلزم التسلسل في الأمور الموجودة على تقدير كون العلم صفة حقيقية (و) الحال (أنه قد يكون علمه بعلمه نفس علمه كما ذهب إليه الإمام والقاضي) فإنهما قالا كل شيئين لا
يجوز انفكاك العلم بهما كالعلم بالشئ والعلم بالعلم به وكالعلم بالتضاد والاختلاف فقد يتعلق بهما علم واحد كما سلف في مباحث العلم من الموقف الثالث (تنبيه * العلم صفة زائدة) على ذاته تعالى قائمة به (لما مر) من بيان زيادة الصفات على الاجمال (وأنكره
المعتزلة لوجوه * الأول لو كان له تعالى علم فإذا تعلق بشئ وتعلق علمنا به فقد تعلقا به من وجه واحد) وهو تعلق العلوم بمعلوماتها إما إجمالا أو تفصيلا (فيلزم) حينئذ (تما) لأن كل علمين تعلقا بمعلوم واحد من جهة واحدة فهما متماثلان (ويلزم) إما (قدمهما) معا (أو حدوثهما) معا لأن
____________________
تغاير العلمين بالذات (قوله ورد عليه بأنه يلزم الخ) قد يجاب عنه بأن الثابت في الأزل أنه سيوجد زيد فيعلم حينئذ كذلك وعندما زال هذا الثابت ووجد زايد علم أنه وجد وهكذا فلا يلزم التجهيل (قوله كالعلم بالشئ والعلم بالعلم به) قد سبق منا المناقشة في هذا التمثيل وتوجيهه وبيان أن انتفاء لزوم العلوم الغير المتناهية على تقدير جواز تعلم