وإنما نفاه شرذمة) من قدماء الفلاسفة (لا يعبأ بهم وسنذكره لكن المسلك) في إثبات كونه تعالى عالما (مختلف أما المتكلمون فلهم مسلكان الأول إن فعله تعالى متقن) أي محكم خال عن وجوه الخلل ومشتمل على حكم ومصالح متكثرة (وكل من فعله متقن فهو عالم أما الأول) أعني إتقان فعله (فظاهر لمن نظر في الآفاق والأنفس وتأمل ارتباط العلويات بالسفليات سيما) إذا تأمل (في الحيوانات وما هديت إليه من مصالحها وأعطيت من الآلات المناسبة لها ويعين على ذلك علم التشريح ومنافع خلقة الإنسان وأعضائه التي قد كسرت عليها المجلدات وأما الثاني) وهو أن من كان فعله متقنا كان عالما (فضروري وينبه عليه أن من رأى خطا حسنا يتضمن ألفاظا عذبة رشيقة تدل على معان دقيقة مؤنقة علم بالضرورة أن كاتبه عالم وكذلك من سمع خطابا منتظما مناسبا للمقام من شخص يضطر إلى أن يجزم بأنه عالم فإن قيل المتقن إن أردت به الموافق للمصلحة من جمع الوجوه فممنوع) أن فعله تعالى متقن (إذ لا شئ من مفردات العالم ومركباته إلا ويشتمل على مفسدة ما) ويتضمن خللا (ويمكن تصوره على وجه أكمل) مما هو عليه (أو الموافق) للمصلحة (من بعض الوجوه فلا يدل على العلم) إذ ما من أثر إلا ويمكن أن ينتفع به منتفع سواء كان مؤثرا عالما أولا كإحراق النار وتبريد الماء (أو أمرا ثالثا فبينه لنا) ما هو (وكيف) يدل على علم الفاعل (و) نقول أيضا (أنه) أي دليلك على إثبات علمه (منقوض بفعل النحل لتلك البيوت المسدسة) المتساوية (بلا فرجار ومسطر واختيارها للمسدس لأنه أوسع من) المثلث و (المربع) والمخمس (ولا يقع بينهما) أي بين المسدسات (فرج كما) يقع (بين
____________________
والجهل نقص يجب تنزيه الله تعالى عنه فوجب ثبوت العلم العام له وهذا ظاهر إذا أثبت أولا كون العلم بجميع ما ذكر من شأنه تعالى (قوله وكل من فعله متقن فهو عالم) لا يخفى أن اتذان الفعل وكذا قدرة الفاعل إنما تدل على انكشاف المفعول للفاعل وأما إن للفاعل صفة موجودة زائدة على ذاته فلا (قوله علم بالضرورة إن كاتبه عالم) الكتابة يقال في عرف الأدباء لإنشاء النثر كما أن الشعر يقال لانشاه النظم والظاهر أنه المراد ههنا لا الخط (قوله لأنه أوسع من المثلث) أي إذا كان مجموع خطوط المسدس مساويا لمجموع خطوط المثلث وأخويه مثلا كان المسدس أوسع منه (قوله ولا يقع بينهما فرج كما بين المدورات وما سواها) فإن قلت هذا الكلام يدل على عدم وقوع الفرج بين المسدسات ووقوعها بين المربعات وما أشار إليه في أول موقف الجوهر من أن الجسم يتركب من المربع بلا خلو الفرج بخلاف سائر المضلعات يدل على عكس ذلك فبينهما تدافع قلت قد ذكرت هناك أن مراده إن المسدسات إذا كانت متفاوتة في المقدار يلزم خلو الفرج وإن لم يلزم إذا كانت متساوية فيه وأما