الجواز فلأن جمع الأجزاء على ما كانت عليه وإعادة التأليف المخصوص فيها أمر ممكن) لذاته (كما مر) وذلك إن الأجزاء المتفرقة المختلطة بغيرها قابلة للجمع بلا ريبة وإن فرض أنها عدمت جاز إعادتها ثم جمعها وإعادة ذلك التأليف فيها لما
عرفت من
جواز إعادة المعدوم (والله سبحانه وتعالى (عالم بتلك الأجزاء) وأنها لأي بدن من الأبدان (قادر على جمعها وتأليفها لما بينا من عموم علمه) تعالى لجميع المعلومات (وقدرته) على جميع الممكنات (وصحة القبول) من القابل (والفعل) من الفاعل (توجب الصحة) أي صحة الوقوع وجوازه (قطعا) وذلك هو المطلوب (وأما الوقوع فلأن
الصادق) الذي علم صدقه بأدلة قاطعة (أخبره عنه في مواضع لا تحصى بعبارات لا تقبل التأويل حتى صار معلوما بالضرورة كونه من الدين) القويم والسراط المستقيم فمن أرد تأويلها بالأمور الراجعة إلى النفوس الناطقة فقط فقد كابر بإنكار ما هو من ضرورات ذلك الدين (وكل ما أخبر به
الصادق فهو حق * احتج المنكر بوجهين * الأول لو
أكل إنسان إنسانا بحيث صار المأكول) أي بعضه (جزء منه) أي من الآكل فلو أعاد الله ذينك الإنسانين بعينهما (فتلك الأجزاء) التي كانت للمأكول ثم صارت للآكل (أما أن تعاد فيهما) أي في كل واحد منهما (وهو محال) لاستحالة أن يكون جزء واحد بعينه في آن واحد في شخصين متباينين (أو) يعاد (في أحدهما) وحده (فلا يكون الآخر معادا بعينه) والمقدر خلافه فثبت أنه لا يمكن إعادة جميع الأبدان بأعيانها كما زعمتم (الجواب (1) إن المعاد إنما هو الأجزاء الأصلية وهي الباقية من أول العمر إلى
____________________
قالوا بها في عالم المثل ولم يقولوا بأنها من المحسوسات كما قال به الاسلاميون والأكثرون من الفلاسفة يجعلونها من قبيل اللذات والآلام العقلية (قوله أو أكل إنسان إنسانا الخ) قيل لا حاجة إلى هذا الفرض فإنك إذا تأملت ظاهر التربة المعمورة علمت أن ترابها جثث الموتى قد حصل منها النبات وأكلها الدواب وأكلناها وأيضا قد زرع فيها وغرس ثم حصلت منها الفواكه (قوله فثبت أنه لا يمكن إعادة جميع الأبدان بأعيانها كما زعمتم) قيل هذا إنما يتم لو كان المعاد هو المبتدأ بعينه ونحن لا نقطع بذلك ولا برهان عليه قطعيا كما سيصرح به بل يجوز أن يكون الإعادة بالمثل بحيث لا يمتاز عن الأول عند الحس ويقال هو هو وعلى هذا لا يتم الدليل فإن قلت فحينئذ لا يكون المثاب والمعاقب هو المطيع والعاصي بل شخصين آخرين وهذا باطل عقلا قلنا المطيع والعاصي والمثاب والمعاقب هي النفس لا غير والبدن مجرد آلة في ذلك وتغير الآلتين لا يوجب تغاير ذي الآلة وقد يقال يلزم من هذا أن يكون المثاب والمعاقب بالذات والآلام الجسمانيتين من أطاع وعصى لأن الروح المجرد لا يجازى بها (قوله وهي الباقية من أول العمر إلى آخره) قيل الأظهر أن يقال وهي الأجزاء الحاصلة في أول الفطرة أي أول تعلق الروح بالبدن مما يتعلق به بدونه عادة لأن وجود أجزاء في البدن باقية من أول العمر إلى آخره