لكما ذلك الشرف) فقبلا منه وإقداما عليه (والجواب إنهما رأيا الملائكة أحسن صورة وأعظم خلقا وأكمل قوة) منهما (فنهاهما من ذلك وخيل إليهما أنه الكمال) الحقيقي (والفضيلة) المطلوبة * (الثالث قوله تعالى لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون وهو صريح في تفضيل الملائكة على المسيح كما يقال لا أنا أقدر على هذا ولا من هو فوقي في القوة ولا يقال من هو دوني) وكما يقال لا يستنكف الوزير عن خدمة فلان ولا السلطان ولا
يجوز أن يعكس (الجواب إن النصارى استعظموا المسيح لما رأوه قادرا على إحياء الموتى ولكونه بلا أب) فأخرجوه عن كونه عبد الله وادعوا له الألوهية (والملائكة فوقه فيهما فإنهم قادرون على ما لا يقدر عليه ولكونه بلا أب ولا أم فإذا لم يستنكفوا من العبودية ولم يصر ذلك سببا لادعائهم الألوهية فالمسيح أولى بذلك وليس ذلك من الأفضلية) التي نحن بصددها (في شئ * الرابع قوله تعالى ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته والمراد بكونهم عنده أوليس القرب المكاني) إذ لامكان له تعالى (بل قرب الشرف والرتبة أيضا فجعله) أي جعل عدم استكبارهم عن عبادته (دليلا على) هذا الوجه وهو (أنهم إذا لم يستكبروا فغيرهم أولى أن لا يستكبروا فذلك دليل أفضليتهم) إذ مع التساوي أو المفضولية لا يحسن ذلك الاستدلال (والجواب المعارضة بقوله) تعالى في حق البشر (في مقعد صدق عند مليك مقتدر) فيظهر حينئذ إن العندية تدل على الفضلية دون الأفضلية (و) المعارضة (بقول الرسول عليه
الصلاة والسلام حكاية عن الله سبحانه وتعالى أنا عند المنكسرة قلوبهم وكم بين أن يكون عند الله ومن يكون الله عنده) كما
يشهد به الذوق السليم (وأما الاستدلال بعدم الاستكبار فبكونهم أقوى) وأقدر على الأفعال (لا) بكونهم (أفضل * الخامس إن الملائكة معلموا الأنبياء قال تعالى علمه شديد القوى وقال نزل به الروح الأمين على قلبك والمعلم أفضل) من المتعلم (الجواب إنهم المبلغون والمعلم هو الله) وإسناد التعليم إليهم
____________________
ثمامها لا يدل على أفضليتهم بمعنى كثيرة ثوابهم (قوله فنهاهما مثل ذلك الخ) أي جعلهما متمنين له قيل الأحسن مع النبوة وسنده ما سبق فغاية التفضيل على آدم عليه السلام قبل النبوة وإلا فأنى يتصور من النبي الجهل بهذه المسألة حتى يتخيل كلام الشيطان حقا (قوله الجواب إن النصارى الخ) وقد يجاب أيضا بأن معنى الآية الرد على من جعل المسيح ابن الله ومن جعل الملائكة بنات الله تعالى إلا أن الغرض الأصلي الرد على الأول فقدم والتقريب ظاهر هذا وقد أجاب في لباب الأربعين بأن نبيا صلى الله عليه وسلم أفضل من المسيح ولا يلزم من ترجيح شئ على المفضول ترجيحه على الفاضل وبأن الآية تقتضي ترجيح كل الملائكة على المسيح لا ترجيح كل واحد وفيه النزاع وفيه يدفع