شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٢٨٤
بالسجود له (وأمر الأدنى بالسجود للأفضل هو السابق إلى الفهم وعكسه على خلاف الحكمة) لأن السجود أعظم أنواع الخدمة وإخدام الأفضل للمفضول مما لا تقبله العقول وإذا كان آدم أفضل منهم كان غيره من الأنبياء كذلك إذ لا قائل بالفضل (لا يقال السجود يقع على أنحاء فلعله لم يكن سجود تعظيم) له إذ يجوز أن يكون سجودهم لله وآدم كان كالقبلة لهم وعلى تقدير كونه لآدم جاز أن يكون عرفهم في السجود كونه قائما مقام السلام في عرفنا فلا يكون غاية في التواضع والخدمة لأن هذه قضية عرفية يجوز اختلافها باختلاف الأزمنة وأيضا جاز أن يكون أمرهم بالسجود ابتلاء لهم ليتميز المطيع منهم عن العاصي فلا يدل على تفضيله عليهم في شئ من هذه الاحتمالات (لأنا نقول) قوله (أرأيتك هذا الذي كرمت على وأنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين يدل على أنه إسجاد تكرمة) وتفضيل (وينفي سائر الاحتمالات) إذ لم يتقدم هناك ما يصرف إليه التكريم سوى الأمر بالسجود * (الثاني قوله تعالى وعلم آدم الأسماء كلها) إلى قوله قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا فإنه يدل على أن آدم علم الأسماء كلها ولم يعلموها (والعالم أفضل من غيره لأن الآية سبقت لذلك ولقوله تعالى قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون (الثالث
____________________
وشمول الأمر إياهم فثبت المطلوب (قوله وعكسه على خلاف الحكمة) به ظهر أن أهل السنة يقولون برعاية مقتضى الحكمة وإن لم يقولوا بوجوبها (قوله وإخدام الأفضل للمفضول مما لا يقبله العقول) وأما قوله عليه السلام سيد القوم خادمهم فعلى الاستعارة والتمثيل فإن الخادم كالسيد في إصلاح المهام والمصالح وقد يجاب بأن الخدمة من عند نفسه غير الأمر بالخدمة الذي هو معنى الاخدام وفيه الكلام والحق إن التكليف مختلف حسب اختلاف المصالح والأزمان ولذا اختلف الشرائع فلعل المصلحة عند خلافة آدم عليه السلام سجود الملائكة له وفي زمان آخر عكسه وقد يؤيد ذلك بأن الحكمة في أمرهم بالسجود على ما روي في التفاسير إظهار ما في قلوبهم من الانقياد والتسليم وذلك إنما يظهر بأمر الأفضل أو المساوي (قوله وأيضا جاز الخ) وأيضا يجوز أن يكون هناك حكمة أخرى لا نعلمها (قوله لأنا نقول قوله أرأيتك الخ) قيل هذا إنما يدل أن إبليس لعنة الله عليه فهم هذا التكريم فلعله أمر بما يفهم منه التكريم ابتلاء لا تكريما ولو صح فالدليل هذا القول لا الأمر بالسجود وجوابه ما سمعته من الأستاذ المحقق وهو أن سنة الله سبحانه وتعالى جرت في كلامه على أنه تعالى إذا حكى كلاما عن قوم ولم ينكر عليهم دل على مطابقته للواقع وبهذا رد على من قال إن قوم لوط كانوا يطلبون منه عليه السلام أن يزوجهم بناته وكان عليه السلام يمتنع منه لقوله تعالى حكاية عنهم بلا إنكار قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإذا ثبت بهذا إن الأمر بالسجود كان للتكريم كان نفس الأمر به دليلا على المطلوب كما لا يخفى (قوله لأن الآية سيقت لذلك) فيه دفع لما يقال إن لهم علوما جمة أضعاف العلم بالأسماء لما شاهدوا من اللوح المحفوظ وحصلوا في الأزمنة المتطاولة بالتجارب والأنظار المتوالية فلا يلزم بما ذكر أفضلية آدم عليه السلام منهم ووجه
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344