شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٢٩٢
أخرى أما الضرورة فقالوا تخلل العدم بين الشئ ونفسه محال بالضرورة) إذ لا بد للتخلل من طرفين متغايرين (فيكون) حينئذ (الوجود بعد العدم غير الوجود قبله) حتى يتصور تخلل العدم بينهما وعلى هذا (فلا يكون المعاد هو المبتدأ بعينه) لأن كلا منهما موجودا بوجود مغاير لوجود صاحبه فهما موجودان متغايران فلا يكون الموجود الأول بعينه معادا بعد عدمه والجواب إنه لا معنى لتخلل العدم ههنا سوى إنه كان موجودا زمانا ثم زال عنه ذلك الوجود في زمان آخر ثم اتصف به في زمان ثالث ومن هذا تبين إن التخلل بحسب الحقيقية إنما هو لزمان العدم بين زماني الوجود الواحد وإذا اعتبر نسبة هذا التخلل إلى العدم مجازا كفاه اعتبار التغاير في الوجود الواحد بحسب زمانية علي أن دعوى الضرورة في حكم خالفه جمهور من العقلاء غير مسموعة (وأما الاستدلال فهو من وجوه * الأول إنما يكون المعاد معادا بعينه إذا أعيد بجميع عوارضه ومنها الوقت) الذي كان فيه مبتدأ (فيلزم أن يعاد في وقته الأول وكل ما وقع في وقته الأول فهو مبتدأ فيكون حينئذ مبتدأ من حيث إنه معاد هذا خلف الجواب إنما اللازم) في إعادة الشئ بعينه (إعادة عوارضه
____________________
شئ كان أسهل عليه ولذلك قيل الهاء في عليه راجع إلى الخلق (قوله أما الضرورة فقالوا الخ) اعترض عليه شارح المقاصد بأنه مخالف لكلام القوم وللتحقيق فإن ضرورية مقدمة الدليل لا توجب ضرورية المدعى ويمكن أن يدفع الثاني بأن يحمل هذا القول على أنه تنبيه على الضروري أو يكون بناء على أن أوليس الفرق إلا في العبارة أو على أن هذا القياس لازم لتصور طرفي المطلوب فهو فطري القياس فلا ينافي الضرورية نعم يمكن أن يدفع ما ذكر في بيان الضرورية بأنه لو تم لدل على عدم جواز بقاء الشئ وإلا لزم تخلل الزمان البقاء بين الشئ ونفسه لأنه موجود في طرفيه وما قيل من أن التخلل إنما يتصور لقطع الاتصال والوقوع في الخلال ولا خلال في الباقي فليس بشئ لأن الباقي موجود في طرفي زمان بقائه وزمان بقائه متخلل بين زماني وجودي الطرفين ولا فرق بين وجوده في الزمان المتوسط وعدمه (قوله كفاه اعتبار التغاير في الوجود الواحد) قال الأستاذ المحقق سلمه الله في الدارين فيه نظر لأن الوجود الأول مقدم حقية بالزمان على العدم المتخلل وهو مقدم كذلك على الوجود الثاني والمتقدم على المتقدم على الشئ حقيقة متقدم على ذلك الشئ حقيقة فمما ذكر يلزم تقدم الشئ على نفسه حقيقة واستحالة هذا ضرورية وأنت خبير بأن اللازم تقدم الوجود المأخوذ باعتبار على ذلك الوجود مأخوذا باعتبار آخر ومآله تقدم أحد الاعتبارين على الآخر وليس في ذلك استحالة أصلا فتأمل (قوله إعادة عوارضه المشخصة) وعلى هذا يمكن أن يدفع ما مر في بيان الضرورية لجواز مغايرة المعاد للمبدأ بالعواض الغير المشخصة فتخلل العدم حينئذ غير محال لا يقال هذه المغايرة إنما تدفع التخلل بين الشخص المأخوذ مع جميع عوارضه ونفسه ولا تدفع التخلل بين المشخصات ونفسها ولا بين ذات الشخص ونفسه لأنا نقول إن أريد بذلك أنه لا تستلزم الاثنينية المصححة للتخلل بين الشخص ونفسه ولا بين المشخصة ونفسها فاندفاعه ظاهر ضرورة أن المقيد بقيد
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344