شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٢٦٤
يعني به ما سوى الكذب في التبليغ (فهي إما كفر أو غيره) من المعاصي (وأما الكفر فأجمعت الأمة علي عصمتهم منه) قبل النبوة وبعدها ولا خلاف لأحد منهم في ذلك (غير أن الأزارقة من الخوارج جوزوا عليهم الذنب وكل ذنب عندهم كفر) فلزمهم تجويز الكفر بل يحكى عنهم أنهم قالوا بجواز بعثة نبي علم الله تعالى أنه يكفر بعد نبوته (وجوزوا الشيعة إظهاره) أي إظهار الكفر (تقية) عند خوف الهلاك لأن إظهار الإسلام حينئذ إلقاء للنفس في التهلكة (وذلك) باطل قطعا لأنه (يفضي إلى إخفاء الدعوة) بالكلية وترك تبليغ لرسالة (إذ أولى الأوقات بالتقية وقت الدعوة للضعف) بسبب قلة الموافق أو عدمه (وكثرة المخالفين) وأيضا ما ذكروه منقوض بدعوة إبراهيم وموسى عليهما السلام في زمن نمرود وفرعون مع شدة خوف الهلاك (وأما غير الكفر فإما كبائر أو صغائر وكل منهما إما) أن يصدر (عمدا وأما) أن يصدر (سهوا) فالأقسام أربعة وكل واحد منها إما قبل البعثة أو بعدها (أما الكبائر) أي صدورها عنهم عمدا (فمنعه الجمهور) من المحققين والأئمة ولم يخالف فيه إلا الحشوية (والأكثر) من المانعين (على امتناعه سمعا) قال القاضي والمحققون من الأشاعرة إن العصمة فيما وراء التبليغ غير واجبة عقلا إذ لا دلالة للمعجزة عليه فامتناع الكبائر عنهم عمدا مستفاد من السمع وإجماع الأمة قبل ظهور المخالفين في ذلك (وقالت المعتزلة بناء على أصولهم) الفاسدة في التحسين والتقبيح العقليين ووجوب رعاية الصلاح والأصلح (يمتنع ذلك عقلا) لأن صدور الكبائر عنهم عمدا يوجب سقوط هيبتهم عن القلوب وانحطاط رتبتهم في أعين الناس فيؤدي إلى النفرة عنهم وعدم الانقياد لهم ويلزم
____________________
لا يظهر على يد من يكذب عمدا فالمعجزة تدل على صدقه في جميع ما يبلغه عن الله تعالى حالا واستقبالا (قوله وأيضا ما ذكروه منقوض الخ) النقض بالنسبة إلى ما دل عليه دليلهم من وجوب إظهار الكفر عند خوف الهلاك لأن إلقاء النفس في التهلكة حرام يجب اجتنابه لا بالنسبة إلى ما يفهم من ظاهر قوله وجوز الشيعة لأن الجواز لا ينافي التخلف لكن يرد على النقض بدعوة موسى عليه السلام إن إلقاء النفس في التهلكة إنما يلزم إذا لم يكن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عالما بعدم إهلاك قومه وعدم قدرتهم عليه وموسى عليه السلام كان عالما به كما دل عليه صريح قوله تعالى لا تخافا إني معكما أي بالحفظ والنصر بعد قول موسى وهارون عليهما السلام ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى نعم يتم النقض ببعض الأنبياء فإن العصمة غير لازمة فكيف أعلامها ألا يرى أن الكفار قتلوا فريقا من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين ولم يسمع من أحدهم إظهار الكفر (قوله إلا الحشوية) بفتح الشين منسوبة إلى حشوية على وزن فعولة وهي قرية من قرى خراسان (قوله يوجب سقوط هيبتهم) يرد عليهم إن السقوط في الظهور والصدور غيره وغير مستلزم إياه اللهم إلا أن يقال سقوط الهيبة خاصة الكبيرة ولو صدرت سرا
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344