به
القرآن ومنه ما نطق به الأحاديث الصحيحة) فمن ذلك أخباره بأن زينب أول من يموت بعده من أزواجه وكان كما أخبر ومنه إخباره عن خلافة الخلفاء الراشدين بقوله الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تصير ملكا عضوضا وأخباره عن
مقتل الحسن والحسين وهدم الكعبة ورجوع الأمر إلى
بني العباس وعلى الاستيلاء عن مملكة الأكاسرة إلى غير ذلك من إخباراته التي ظهر صدقها (ومن بحث عن هذا الجنس وجده كثيرا) لا يحصى (ثم نقول كل واحدة من هذه) المعجزات المغايرة للقرآن (وإن لم تتواتر فالقدر المشترك بينها وهو ثبوت المعجزة (متواترا) بلا شبهة (كشجاعة على وسخاوة حاتم وهو كاف) لنا في إثبات النبوة (المسلك الثاني) من مسالك إثبات نبوته عليه
الصلاة والسلام (و) قد (ارتضاه الجاحظ) من
المعتزلة (و) ارتضاه أيضا (الغزالي) قدس سره في كتابه المسمى بالمنقذ من الضلالة (الاستدال بأحواله قبل النبوة وحال الدعوة وبعد تمامها) وذلك إنه عليه
الصلاة والسلام لم يكذب قط لا في مهمات الدين ولا في مهمات الدنيا ولو
كذب مرة لاجتهد أعداؤه في تشهيره ولم يقدم على فعل قبيح لا قبل النبوة ولا بعدها وكان في غاية الفصاحة كما قال أوتيت جوامع الكلم وقد تحمل في تبليغ الرسالة أنواع المشقات وصبر عليها بلا فتور في عزيمته ولما استولى على الأعداء وبلغ الرتبة الرفيعة في نفاذ أمره في لأموال والأنفس لم يتغير عما كان عليه بل بقي من أول عمره إلى آخر على طريقة واحدة مرضية (وأخلاقه العظيمة) فإنه عليه
الصلاة والسلام كان في غاية الشفقة على أمته حتى خوطب بقوله تعالى فلا تذهب نفسك عليهم حسرات وقوله تعالى فلعلك باخع نفسك على آثارهم وفي غاية
السخاوة حتى عوتب بقوله ولا تبسطها كل البسط وكان عديم الالتفات إلى زخارف الدنيا حتى أن قريشا عرضوا عليه المال ولزوجة والرياسة حتى يترك دعواه فلم يلتفت إليهم وكان مع الفقراء والمساكين في غاية
التواضع ومع الأغنياء وأرباب الثروة في غاية الترفع (وأحكامه الحكيمة) التي فصلت في الكتب الفقهية (وإقدامه حيث يحجم الأبطال) فإنه عليه
الصلاة والسلام لم يفر قط من أعدائه وإن عظم
الخوف مثل يوم أحد ويوم الأحزاب وذلك يدل على قوة قلبه وشهامة جنانه (ولولا ثقته بعصمة الله إياه من الناس) كما وعدها
____________________
نوبة نوبة (قوله جوامع الكلم) أي الكلم الجوامع للبلاغة (قوله باخع نفسك) بخع نفسه بخعا قتله غما (قوله يحجم الأبطال) بتقديم الجيم على الحاء المهملة وعكسه أي يتأخر عن الحرب (قوله وشهامة جنانه) شهم الرجل بالضم