منه إفساد الخلائق وترك استصلاحهم وهو خلاف مقتضى العقل والحكمة (وأما) صدورها عنهم (سهوا) أو على سبيل الخطأ في التأويل (فجوزه الأكثرون) والمختار ذ (وأما الصغائر عمدا فجوزه الجمهور إلا الجبائي) فإنه ذهب إلى أنه لا يجوز صدور الصغيرة إلا بطريق السهو أو الخطأ في التأويل وهذا التجويز منهم إنما هو فيما أوليس من صغائر الخسة كما ستعرفه (وأما) صدور الصغائر (سهو فهو جائز اتفاقا) بين أكثر أصحابنا وأكثر المعتزلة (لا الصغائر الخسية) وهي ما تلحق فاعلها بالأراذل والسفل والحكم عليه بالخسة ودناءة الهمة (كسرقة حبة أو القمة) فإنها لا تجوز أصلا لا عمدا ولا سهوا والاتفاق المذكور إنما هو فيما ليس منها كنظرة وكلمة سفه نادرة في خصام (وقال الجاحظ) يجوز أن يصدر عنهم غير صغار الخسة سهوا (بشرط أن ينبهوا عليه فينتهوا عنه وقد تبعه فيه كثير من المتأخرين) من المعتزلة كالنظام والأصم وجعفر بن بشر (وبه نقول) نحن معاشر الأشاعرة (هذا كله بعد الوحي) والاتصاف بالنبوة (وأما قبله فقال الجمهور) أي أكثر أصحابنا وجمع من المعتزلة (لا يمتنع أن يصدر عنهم كبيرة إذ لا دلالة للمعجزة عليه) أي على امتناع الكبيرة قبل البعثة (ولا حكم للعقل) بامتناعها ولا دلالة سمعية عليه أيضا (وقال أكثر المعتزلة تمتنع الكبيرة وإن تاب منها لأنه أي صدور الكبيرة (يوجب النفرة) عمن ارتكبها (وهي تمنع عن اتباعه فتفوت مصلحة البعثة ومنهم من منع عما ينفر) الطباع عن متابعتهم (مطلقا) أي سواء لم يكن ذنبا لهم أو كان (كعهر الأمهات) أي كونها زانيات (والفجور في الآباء) ودناءتهم واسترذالهم (والصغائر الخسيسة دون غيرها) من الصغائر (وقالت الروافض لا يجوز عليهم صغيرة ولا كبيرة) لا عمدا ولا سهوا ولا خطأ في التأويل بل هم مبرؤن عنها قبل الوحي (فكيف بعد الوحي * لنا) على ما هو المختار عندنا وهو أن الأنبياء في زمان نبوتهم معصومون عن الكبائر مطلقا وعن الصغائر عمدا (وجوه * الأول لو صدر منهم الذنب لحرم اتباعهم) فيما صدر عنهم ضرورة أنه يحرم ارتكاب الذنب (وأنه) أي اتباعهم في أقوالهم وأفعالهم (واجب للإجماع) عليه (ولقوله تعالى قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله * الثاني لو أذنبوا لردت شهادتهم إذ لا شهادة لفاسق بالإجماع ولقوله تعالى إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا واللازم باطل بالإجماع ولأن من لا تقبل شهادته في القليل) الزائل بسرعة (من متاع الدنيا كيف تسمع شهادته في الدين القيم) أي القائم (إلى يوم القيامة * الثالث إن صدر عنهم) ذنب (وجب زجرهم) وتعنيفهم (لعموم
(٢٦٥)