____________________
يدعى إن سحر سحرة فرعون كان تخييلا وتوهيما (قوله أوليس بمعجز عند هذا القائل) كيف لا يعجز وقد قال الله تعالى فليأتوا بحديث مثله وقال الله تعالى فأتوا بسورة من مثله لكن ورود الالزام من جهة أخرى لا يضر في هذا المقام كما أشرنا إليه فليتأمل (قوله إن ما في القرآن أوليس بوزن الشعر) فإن قلت فيه تناقض من وجوه أخر منها إن بين قوله تعالى فيومئذ لا يسأل عن ذنبه أنس ولا جان وقوله تعالى ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون وبين قوله تعالى فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون وقوله فلنسألن الذين أرسل إليهم ولتسألن المرسلين تناقض قلت شرط التناقض اتحاد الزمان والمكان واتحاد الغرض وغير ذلك وقد عرف بقوله تعالى في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة إن يوم القيامة مقداره ذلك وعرف بالإخبار إنه مشتمل على مقامات مختلفة فإذا احتمل أن يكون السؤال في وقت من أوقات يوم القيامة ولا يكون في آخر أو في مقام من مقاماته ولا يكون في آخر أو بقيد من القيود كالتوبيخ أو التقرير أو غير ذلك مرة وبغير ذلك القيد أخرى لم يتحقق التناقض وبمثل هذا الجواب يندفع ما توهم من التناقض بين قوله تعالى فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون وبين قوله تعالى وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون وقوله تعالى يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وقوله تعالى يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون وأمثال هذه الآيات وأما توهم التناقض بين قوله تعالى أوليس لهم طعام إلا من ضريع وقوله تعالى ولا طعام إلا من غسلين فمدفوع بأن الآيتين في حق الطائفتين من أهل النار أعاذنا الله تعالى منها (قوله ثم أن الشعر ما قصد وزنه إلى الخ) المراد بقصد الوزن أن يقصد ابتداء ثم يتكلم مراعي جانبه لا أن يقصد المتكلم المعنى وتأديته بكلمات لائقة من حيث الفصاحة في تركيب تلك الكلمات الموجب للبلاغة فيستتبع ذلك كون الكلام موزونا أو أن يقصد المعنى ويتكلم بحكم العادة على مجرى كلام الأوساط فيتفق أن يأتي موزونا كذا