اخترتك لإقامة حجتي، وجعلتك بيني وبين خلقي، حتى صرت في الخطاب عني والتبليغ بالمنزلة التي أكون أنا بها لو خاطبتهم، واحتججت عليهم. وقال الأزهري: أي ربيتك لخاصة أمر أستكفيكه في فرعون وجنوده، وفي حديث آدم: " قال لموسى: أنت كليم الله الذي اصطنعك لنفسه ". قال ابن الأثير: هذا تمثيل لما أعطاه الله من المنزلة والتقريب.
ويقال: اصطنع فلان خاتما، إذا أمر أن يصنع له، كما يقال: اكتتب، أي أمر أن يكتب له، والطاء بدل من تاء الافتعال، لأجل الصاد.
* ومما يستدرك عليه:
استصنع الشيء: دعا إلى صنعه، كما في اللسان، وفي العباب: استصنعه: سأل أن يصنع له، وقول أبي ذؤيب:
إذا ذكرت قتلى بكوساء أشعلت * كواهية الأخراب رث صنوعها (1) قال ابن سيده: صنوعها: جمع لا أعرف له واحدا.
قلت: وقال السكري في شرح الديوان: كواهية الأخراب، يعني: المزادة أو الإداوة، وصنوعها: خرزها.
ويقال، سيورها التي خرزت بها، ويقال: عملها: فيكون حينئذ مصدرا.
وحكى ابن درستويه: صنع صنعا: مثل: بطر بطرا، فهو صنع، أي ماهر، وقال غيره: امرأة صنيعة، بمعنى صناع، وأنشد لحميد بن ثور:
أطافت به النسوان بين صنيعة * وبين التي جاءت لكيما تعلما وهذا يدل على أن اسم الفاعل من صنع صنيع؛ لأنه لم يسمع صنع، قاله ابن بري: وفي المثل: " لا تعدم صناع ثلة ". الثلة: الصوف والشعر والوبر.
وقال الإيادي: سمعت شمرا يقول: رجل صنع، وقوم صنعون، بسكون النون.
وامرأة صناع اللسان: سليطة، قال الراجز:
* وهي صناع باللسان واليد * وقوم صناعية: يصنعون المال ويسمنون فصلانهم، ولا يسقون ألبان إبلهم الأضياف، وقد مر شاهده من قول عامر بن الطفيل في " ص ل م ع ".
والصنيع، كأمير: الثوب الجيد النقي، كما في اللسان والأساس، وهو مجاز.
وقول نافع بن لقيط:
مرط القذاذ فليس فيه مصنع * لا الريش ينفعه ولا التعقيب فسره ابن الأعرابي فقال: مصنع، أي ما فيه مستملح، وقد تقدم ذكر الأبيات في " ري ش " وفي " م ر ط ".
والصنع، بالكسر: الحوض. وقيل: شبه الصهريج، وقيل: إن الصنوع واحدها صنع، والمصانيع: جمع مصنعة، زيدت الياء في ضرورة الشعر (3)، ويجوز أن يكون جمع مصنوع ومصنوعة، كمكسور ومكاسير.
والصنع، بالكسر: الحصن، وبه فسر الحديث: " من بلغ الصنع بسهم ".
والمصانع: مواضع تعزل للنحل، منتبذة عن البيوت، واحدتها مصنعة، حكاه أبو حنيفة.
والصنع، بالضم: الرزق. واصطنعه: قدمه.
ويقال: هو مصطنعة (4) فلان، أي صنيعته، نقله الزمخشري.
وصانعه عن الشيء: خادعه عنه.
ويقال: صانعت فلانا، أي رافقته.
والأصناع: موضع، قال عمرو بن قميئة: