قال: وقد يقال إنهما متغايران، والصواب ما ذكرناه. وأملح البعير، إذا حمل الشحم، وملح فهو مملوح، إذا سمن. ويقال: كان ربيعنا مملوحا. وكذلك إذا ألبن القوم وأسمنوا، كالتملح والتمليح وقد ملحت الناقة: سمنت قليلا، عن الأموي ومنه قول عروة ابن الورد:
أقمنا بها حينا وأكثر زادنا * بقية لحم من جزور مملح والذي في البصائر:
* عشية رحنا سائرين وزادنا (1) * إلخ وجزور مملح فيها بقية من سمن، وأنشد ابن الأعرابي:
ورد جازرهم حرفا مصهرة (2) * في الرأس منها وفي الرجلين تمليح أي سمن: يقول لا شحم لها إلا في عينها وسلاماها. قال: أول ما يبدأ السمن في اللسان والكرش، وآخر ما يبقى في السلامى والعين. وتملحت الإبل كملحت وقيل هو مقبول عن تحلمت وقيل أي سمنت، وهو قول ابن الأعرابي. قال ابن سيده: ولا أرى للقلب هنا وجها.
وأرى ملحت النقة بالتخفيف لغة في ملحت. وتملحت الضباب كتحلمت، أي سمنت، وهو مجاز. والملح: الحرمة والذمام، كالملحة، بالكسر، وأنشد أبو سعيد قول أبي الطمحان المتقدم، وفسره بالحرمة والذمام. ويقال: بين فلان وفلان ملح وملحة، إذا كان بينهما حرمة، كما سيأتي. فقال (3): أرجو أن يأخذكم الله بحرمة صاحبها وغدركم بها. قال أبو العباس: العرب تعظم أمر الملح والنار والرماد.
والملح: ضد العذب من الماء كالمليح، هذا وصف وما ذكر قبله كلها أسماء. يقال ماء ملح. ولا يقال: مالح إلا في لغة رديئة، عن ابن الأعرابي، فإن كان الماء عذبا ثم ملح يقال: أملح. وبقلة مالحة. وحكى ابن الأعرابي: ماء مالح كملح. وإذا وصفت الشيء بما فيه من الملوحة قلت: سمك مالح، وبقلة مالحة. قال ابن سيده:
وفي حديث عثمان رضي الله عنه: وأنا أشرب ماء الملح، أي الشديد الملوحة قال الأزهري عن أبي العباس: إنه سمع ابن الأعرابي قال: ماء أجاج، وقعاع، وزعاق، وحراق وماء (4) يفقأ عين الطائر، وهو الماء المالح. قال: وأنشدنا:
بحرك عذب الماء ما أعقه * ربك والمحروم من لم يسقه (5) أراد: ما أقعه. من القعاع، وهو الماء الملح فقلب.
قال ابن شميل: قال يونس: لم أسمع أحدا من العرب يقول ماء مالح. ويقال: سمك مالح، وأحسن منهما (6) سمك مليح ومملوح. قال الجوهري: ولا يقال مالح. قال: وقال أبو الدقيش: يقال ماء مالح وملح. قال أبو منصور: هذا وإن وجد في كلام العرب قليلا لغة لا تنكر. قال ابن بري: قد جاء المالح في أشعار الفصحاء، كقول الأغلب العجلي يصف أتنا وحمارا:
تخاله من كربهن كالحا * وافتر صابا ونشوقا مالحا وقال غسان السليطي:
وبيض غذاهن الحليب ولم يكن * غذاهن نينان من البحر مالح أحب إلينا من أناس بقرية * يموجون موج البحر والبحر جامح وقال عمر بن أبي ربيعة:
ولو تفلت في البحر والبحر مالح * لأصبح ماء البحر من ريقها عذبا (7)