جملة القسم - إنشائية، والجملة الواقعة خبرا لابد من احتمالها للصدق والكذب، ولهذا منع قوم من الكوفيين - منهم ابن الأنباري - أن يقال: " زيد اضربه، وزيد هل جاءك! ".
وبعد فعندي أن كلا من التعليلين ملغى.
أما الأول فلان الجملتين مرتبطتان ارتباطا صارتا به كالجملة [الواحدة] وإن لم يكن بينهما عمل، وزعم ابن عصفور أن السماع قد جاء بوصل الموصول بالجملة القسمية وجوابها، وذلك قوله تعالى: (وإن كلا لما ليوفينهم) قال: فما موصولة لا زائدة، وإلا لزم دخول اللام على اللام، انتهى. وليس بشئ، لان امتناع دخول اللام على اللام إنما هو لأمر لفظي، وهو ثقل التكرار، والفاصل يزيله ولو كان زائدا، ولهذا اكتفى بالألف فاصلة بين النونات في " اذهبنان " وبين الهمزتين في (أأنذرتهم) وإن كانت زائدة، وكان الجيد أن يستدل بقوله تعالى:
(وإن منكم لمن ليبطئن) فإن قيل: تحتمل من الموصوفية، أي لفريقا ليبطئن، قلنا: وكذا ما في الآية، أي لقوم ليوفينهم، ثم إنه لا يقع صفة إلا ما يقع صلة، فالاستدلال ثابت وإن قدرت صفة، فإن قيل: فما وجهه والجملة الأولى إنشائية؟
قلت: جاز لأنها غير مقصودة، وإنما المقصود جملة الجواب، وهي خبرية، ولم يؤت بجملة القسم إلا لمجرد التوكيد، لا للتأسيس.
وأما الثاني فلان الخبر الذي شرطه احتمال الصدق والكذب الخبر الذي هو قسيم الانشاء، لا خبر المبتدأ، للاتفاق على أن أصله الافراد، واحتمال الصدق والكذب إنما هو من صفات الكلام، وعلى جواز " أين زيد؟ وكيف عمرو؟ " وزعم ابن مالك أن السماع ورد بما منعه ثعلب وهو قوله تعالى: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين) (والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم) (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم) وقوله: