والثاني: أنه ليس بلازم أن يعطى الشئ حكم ما هو في معناه، ألا ترى أن المصدر قد لا يعطى حكم أن أو أن وصلتهما، وبالعكس، دليل الأول أنهم لم يعطوه حكمهما في جواز حذف الجار، ولا في سدهما مسد جزئي الاسناد، ثم إنهم شركوا بين أن وأن في هذه المسألة في باب ظن، وخصوا أن الخفيفة وصلتها بسدها مسدهما في باب عسى، وخصوا الشديدة بذلك في باب لو، ودليل الثاني أنهما لا يعطيان حكمه في النيابة عن ظرف الزمان، تقول: عجبت من قيامك، وعجبت أن تقوم، وأنك قائم، ولا يجوز: عجبت قيامك، وشذ قوله:
911 - فإياك إياك المراء فإنه * إلى الشر دعاء وللشر جالب فأجرى المصدر مجرى أن يفعل في حذف الجار، وتقول " حسبت أنه قائم، أو أن قام " ولا تقول " حسبت قيامك " حتى تذكر الخبر، وتقول " عسى أن تقوم " ويمتنع: عسى أنك قائم، ومثلها في ذلك لعل، وتقول: لو أنك تقوم، ولا تقول لو أن تقوم، وتقول: جئتك صلاة العصر، ولا يجوز " جئتك أن تصلى العصر " خلافا لابن جنى والزمخشري.
والثاني - وهو ما أعطى حكم الشئ المشبه له في لفظه دون معناه - له صور كثيرة أيضا:
أحدها: زيادة إن بعد ما المصدرية الظرفية، وبعد ما التي بمعنى الذي، لأنهما بلفظ ما النافية كقوله:
ورج الفتى للخير ما إن رأيته * على السن خيرا لا يزال يزيد [27] وقوله:
يرجى المرء ما إن لا يراه * وتعرض دون أدناه الخطوب [26] فهذان محمولان على نحو قوله:
912 - ما إن رأيت ولا سمعت بمثله * كاليوم هانئ أينق جرب