يفعل " فمعناه أنه لم يفعل، وإذا قيل " لم يكد يفعل " فمعناه أنه فعله، دليل الأول (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) وقوله:
899 - كادت النفس أن تفيض عليه * [إذ غدا حشو ريطة وبرود] ودليل الثاني (وما كادوا يفعلون) وقد اشتهر ذلك بينهم حتى جعله المعرى لغزا فقال:
أنحوي هذا العصر ما هي لفظة * جرت في لساني جرهم وثمود إذا استعملت في صورة الجحد أثبتت * وإن أثبتت قامت مقام جحود والصواب أن حكمها حكم سائر الأفعال في أن نفيها نفى وإثباتها إثبات، وبيانه: أن معناها المقاربة، ولا شك أن معنى " كاد يفعل " قارب الفعل، وأن معنى " ما كاد يفعل " ما قارب الفعل، فخبرها منفى دائما، أما إذا كانت منفية فواضح، لأنه إذا انتفت مقاربة الفعل انتفى عقلا حصول ذلك الفعل، ودليله (إذا أخرج يده لم يكد يراها) ولهذا كان أبلغ من أن يقال " لم يرها " لان من لم يرقد يقارب الرؤية، وأما إذا كانت المقاربة مثبتة فلان الاخبار بقرب الشئ يقتضى عرفا عدم حصوله، وإلا لكان الاخبار حينئذ بحصوله، لا بمقاربة حصوله، إذ لا يحسن في العرف أن يقال لمن صلى:
قارب الصلاة، وإن كان ما صلى حتى قارب الصلاة، ولا فرق فيما ذكرنا بين كاد ويكاد، فإن أورد على ذلك (وما كادوا يفعلون) مع أنهم قد فعلوا، إذ المراد بالفعل الذبح، وقد قال تعالى (فذبحوها) فالجواب أنه إخبار عن حالهم في أول الامر، فإنهم كانوا أولا بعداء من ذبحها، بدليل ما يتلى علينا