قولك " ضربت ضربا " والمفعول به ما لا يقع عليه ذلك إلا مقيدا بقولك به كضربت زيدا، وأنت لو قلت السماوات مفعول كما تقول الضرب مفعول كان صحيحا، ولو قلت السماوات مفعول به كما تقول زيد مفعول به لم يصح.
وقد يعارض هذا بأن يصاغ لنحو السماوات في المثال اسم مفعول تام، فيقال: فالسماوات مخلوقة، وذلك مختص بالمفعول به.
إيضاح آخر: المفعول به ما كان موجودا قبل الفعل الذي عمل فيه، ثم أوقع الفاعل به فعلا، والمفعول المطلق ما كان الفعل العامل فيه هو فعل إيجاده، والذي غر أكثر النحويين في هذه المسألة أنهم يمثلون المفعول المطلق بأفعال العباد، وهم إنما يجرى على أيديهم إنشاء الافعال لا الذوات (1)، فتوهموا أن المفعول المطلق لا يكون إلا حدثا، ولو مثلوا بأفعال الله تعالى لظهر لهم أنه لا يختص بذلك، لان الله تعالى موجد للأفعال والذوات (2) جميعا، لا موجد لهما في الحقيقة سواه سبحانه وتعالى، وممن قال بهذا الذي ذكرته الجرجاني وابن الحاجب في أماليه.
وكذا البحث في " أنشأت كتابا " و " عمل فلان خيرا " و (آمنوا وعملوا الصالحات).
وزعم ابن الحاجب في شرح المفصل وغيره أن المفعول المطلق يكون جملة، وجعل من ذلك نحو " قال زيد عمرو منطلق " وقد مضى رده، وزعم أيضا في " أنبأت زيدا عمرا فاضلا " أن الأول مفعول به، والثاني والثالث مفعول مطلق، لأنهما نفس النبأ، قال: بخلاف الثاني والثالث في " أعلمت زيدا عمرا فاضلا " فإنهما متعلقا العلم، لا نفسه، وهذا خطأ، بل هما أيضا منبأ بهما، لا نفس النبأ، وهذا الذي قاله لم يقله أحد، ولا يقتضيه النظر الصحيح.
الثامن عشر: قولهم في كاد: إثباتها نفى، ونفيها إثبات، فإذا قيل " كاد