التسويغ مشروط بتقدمه على النكرة، وقد أسلفنا أن التقديم إنما كان لدفع توهم الصفة، وإنما لم يجب هنا لحصول الاختصاص بدونه، وهو ما قدمناه من الصفة المقدرة، أو الوقوع بعد واو الحال، فلذلك جاز تأخر الظرف كما في قوله تعالى (وأجل مسمى عنده).
فإن قلت: لعل الواو للعطف، ولا صفة مقدرة: فيكون العطف هو المسوغ.
قلت: لا يسوغ ذلك، لان المسوغ عطف النكرة، والمعطوف في البيت الجملة لا النكرة.
فإن قيل: يحتمل أن الواو عطف اسما وظرفا على مثليهما، فيكون من عطف المفردات.
قلنا: يلزم العطف على معمولي عاملين مختلفين، إذ الاصطبار معمول للابتداء، والظرف معمول للاستقرار.
فإن قيل: قدر لكل من الظرفين استقرارا، واجعل التعاطف بين الاستقرارين لا بين الظرفين.
قلنا: الاستقرار الأول خبر، وهو معمول للمبتدأ نفسه عند سيبويه، واختاره ابن مالك، فرجع الامر إلى العطف على معمولي عاملين.
والرابع: أن يكون خبرها ظرفا أو مجرورا، قال ابن مالك: أو جملة، نحو (ولدينا مزيد) (ولكل أجل كتاب) و " قصدك غلامه رجل " وشرط الخبر فيهن الاختصاص، فلو قيل " في دار رجل " لم يجز، لان الوقت لا يخلو عن أن يكون فيه رجل ما في دار ما، فلا فائدة في الاخبار بذلك، قالوا:
والتقديم، فلا يجوز " رجل في الدار " وأقول: إنما وجب التقديم هنا لدفع توهم الصفة، واشتراطه هنا يوهم أن له مدخلا في التخصيص، وقد ذكروا المسألة فيما يجب فيه تقديم الخبر، وذاك موضعها.