قد، إلا أنهم تركوا الألف قبلها، لأنها لا تقع إلا في الاستفهام، وقد جاء دخولها عليها في قوله:
571 - سائل فوارس يربوع بشدتنا * أهل رأونا بسفح القاع ذي الأكم اه ولو كان كما زعم لم تدخل إلا على الفعل كقد، وثبت في كتاب سيبويه رحمه الله ما نقله عنه، ذكره في باب أم المتصلة، ولكن فيه أيضا ما قد يخالفه، فإنه قال في باب عدة ما يكون عليه الكلم ما نصه: وهل هي للاستفهام، ولم يزد على ذلك. وقال الزمخشري في كشافه (هل أتى) أي قد أتى، على معنى التقرير والتقريب جميعا، أي أتى على الانسان قبل زمان قريب طائفة من الزمان الطويل الممتد لم يكن فيه شيئا مذكورا، بل شيئا منسيا نطفة في الأصلاب، والمراد بالانسان الجنس بدليل (إنا خلقنا الانسان من نطفة) ه. وفسرها غيره بقد خاصة، ولم يحملوا قد على معنى التقريب، بل على معنى التحقيق، وقال بعضهم: معناها التوقع، وكأنه قيل لقوم يتوقعون الخبر عما أتى على الانسان وهو آدم عليه الصلاة والسلام، قال: والحين زمن كونه طينا، وفى تسهيل ابن مالك أنه يتعين مرادفة هل لقد إذا دخلت عليها الهمزة يعنى كما في البيت، ومفهومه أنها لا تتعين لذلك إذا لم تدخل عليها، بل قد تأتى لذلك كما في الآية، وقد لا تأتى له، وقد عكس قوم ما قاله الزمخشري، فزعموا أن هل لا تأتى بمعنى قد أصلا.
وهذا هو الصواب عندي، إذ لا متمسك لمن أثبت ذلك إلا أحد ثلاثة أمور:
أحدها: تفسير ابن عباس رضي الله عنهما، ولعله إنما أراد أن الاستفهام في الآية للتقرير، وليس باستفهام حقيقي، وقد صرح بذلك جماعة من المفسرين، فقال بعضهم: هل هنا للاستفهام التقريري، والمقرر به من أنكر البحث، (وقد)؟ علم أنهم يقولون: نعم قد مضى دهر طويل لا إنسان فيه، فيقال لهم: فالذي أحدث الناس