نفسه وعرضه وماله، وحرمة ماله كحرمة دمه، وعمله محترم أيضا، وهو من ضروريات الدين ومدلول عليه بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين. ومعنى احترام ماله حرمة مزاحمته فيه والأخذ منه بالقهر عليه، بخلاف غيره ممن لم يدخل في ذمة الاسلام من الكفار، فإنهم، وإن ملكوا أموالهم، ولذا كلفوا بالفروع من العبادات المالية - أيضا - المتوقفة على تملكهم لها، إلا أنه يجوز لنا مزاحمتهم عليها والأخذ منهم بالغيلة أو الغلبة. ولا منافاة بين الملكية وعدم الاحترام، فإن عدم الاحترام أعم من عدم الملكية.
لا يقال: إن غاية ما دل عليه الاحترام حرمة مزاحمة المسلم في ماله وعدم جواز أخذه منه قهرا، وأين ذلك من الضمان على تقدير المزاحمة بعد التلف، وإن أثم بها، وبعبارة أخرى: غاية ما يستفاد منه الحكم التكليفي، وهو حرمة المزاحمة، وأما الحكم الوضعي، وهو الضمان بعد التلف فهو أول الكلام.
لأنا نقول: إن المزاحمة كما يحرم حدوثها يحرم دوامها، فيجب رفعها بعد حدوثها، وكما يحصل رفعها بدفع العين المأخوذة مع بقائها، يحصل - عرفا - بدفع المثل أو القيمة بعد التلف فيما يقع الضمان بالتأدية الحاصلة برد العين مع بقائها ورد عوضها الواقعي مع التلف كما هو مفاد ".. حتى تؤدي " في حديث " على اليد ".
ودعوى عدم المزاحمة بعد التلف لعدم وجود المال حتى تصدق المزاحمة مردودة بما وقع منها الذي لم يزل إلا بالتدارك، فإن عدم الرفع به بعده مع القدرة عليه نوع بقاء للمزاحمة ودوام لها، فافهم.
وحيث أن نظام العالم في نقل الناس الأموال وبذل الأعمال فيما بينهم لحصول الأغراض الدينية أو الدنيوية، لا جرم ألقى الشارع زمام ذلك بيد المالك في ماله بحيث له تمليكه لغيره - مجانا - أو بعوض - عينا أو منفعة -