فسره لي كما فسرت الواحد، فإني أعلم أن لطفه على خلاف لطف خلقه المفصل، غير أني أحب أن تشرح ذلك لي.
فقال: يا فتح، إنما قلنا اللطيف للخلق اللطيف، ولعلمه بالشيء اللطيف، أو لا ترى وفقك الله وثبتك إلى أثر صنعه في النبات اللطيف وغير اللطيف؟ ومن الخلق اللطيف، ومن الحيوان الصغار، ومن البعوض، والجرجس، وما هو أصغر منها، ما لا يكاد تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان لصغره، الذكر من الأنثى، والحدث المولود من القديم.
فلما رأينا صغر ذلك في لطفه واهتدائه للسفاد، والهرب من الموت، والجمع لما يصلحه، وما في لجج البحار، وما في لحاء الأشجار، والمفاوز، والقفار، وإفهام بعضها عن بعض منطقها، وما تفهم به أولادها عنها، ونقلها الغذاء إليها، ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة، وبياض مع حمرة، وإنه ما لا تكاد عيوننا تستبينه لدمامة خلقها، لا تراه عيوننا، ولا تلمسه أيدينا، علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف، لطف بخلق ما سميناه بلا علاج ولا أداة ولا آلة، وأن كل صانع شيء فمن شيء صنع، والله الخالق اللطيف الجليل خلق وصنع لا من شيء (1).
6 - وعن محمد بن عيسى، قال: كتبت إلى أبي الحسن علي بن محمد (عليهما السلام)، جعلني الله فداك يا سيدي، قد روي لنا أن الله في موضع دون موضع على العرش استوى، وأنه ينزل كل ليلة في النصف الأخير من الليل إلى السماء الدنيا، وروي أنه ينزل عشية عرفة ثم يرجع إلى موضعه.