بحواسه مستكمل في ذاته، ففضل بني آدم بالنطق الذي ليس في غيره من الخلق المدرك بالحواس، فمن أجل النطق ملك الله ابن آدم غيره من الخلق حتى صار آمرا ناهيا، وغيره مسخر له، كما قال الله: ﴿كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم﴾ (١)، وقال: ﴿وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها﴾ (٢)، وقال: ﴿والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون * ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون * وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس﴾ (٣).
فمن أجل ذلك دعا الله الإنسان إلى اتباع أمره وإلى طاعته، بتفضيله إياه باستواء الخلق وكمال النطق والمعرفة بعد أن ملكهم استطاعة ما كان تعبدهم به بقوله: ﴿فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا﴾ (٤)، وقوله: ﴿لا يكلف الله نفسا إلا وسعها﴾ (٥)، وقوله: ﴿لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها﴾ (٦)، وفي آيات كثيرة.
فإذا سلب من العبد حاسة من حواسه رفع العمل عنه بحاسته، كقوله: ﴿ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج﴾ (7)، الآية، فقد رفع عن كل من كان بهذه