بعثه المولى لها، وجد عليها مانعا يمنع منها إلا بشراء، وليس يملك العبد ثمنها، فانصرف إلى مولاه خائبا بغير قضاء حاجته، فاغتاظ مولاه من ذلك وعاقبه عليه، أليس يجب في عدله وحكمه أن لا يعاقبه، وهو يعلم أن عبده لا يملك عرضا من عروض الدنيا، ولم يملكه ثمن حاجته؟ فإن عاقبه عاقبه ظالما متعديا عليه مبطلا لما وصف من عدله وحكمته ونصفته، وإن لم يعاقبه كذب نفسه في وعيده إياه حين أوعده بالكذب والظلم اللذين ينفيان العدل والحكمة، تعالى عما يقولون علوا كبيرا.
فمن دان بالجبر أو بما يدعو إلى الجبر، فقد ظلم الله، ونسبه إلى الجور والعدوان، إذ أوجب على من أجبره العقوبة، ومن زعم أن الله أجبر العباد فقد أوجب على قياس قوله إن الله يدفع عنهم العقوبة.
ومن زعم أن الله يدفع عن أهل المعاصي العذاب، فقد كذب الله في وعيده حيث يقول: ﴿بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾ (١)، وقوله: ﴿إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا﴾ (٢)، وقوله: ﴿إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما﴾ (3).
مع آي كثيرة في هذا الفن ممن كذب وعيد الله، ويلزمه في تكذيبه آية من