قال نجدة: أجدك أصبحت حكيما يا أمير المؤمنين.
قال (عليه السلام): " أصبحت مخيرا؛ فإن أتيت السيئة بمكان الحسنة فأنا المعاقب عليها ".
وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال لرجل سأله بعد انصرافه من الشام، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن خروجنا إلى الشام بقضاء وقدر؟
قال (عليه السلام): " نعم يا شيخ، ما علوتم تلعة (1)، ولا هبطتم واديا إلا بقضاء وقدر من الله ".
فقال الشيخ: عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين.
فقال (عليه السلام): مه يا شيخ، فإن الله قد عظم أجركم في مسيركم وأنتم سائرون، وفي مقامكم وأنتم مقيمون، وفي انصرافكم وأنتم منصرفون، ولم تكونوا في شيء من أموركم مكرهين، ولا إليه مضطرين، لعلك ظننت أنه قضاء حتم وقدر لازم، لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب، ولسقط الوعد والوعيد، ولما ألزمت الأشياء (2) أهلها على الحقائق، ذلك مقالة عبدة الأوثان وأولياء الشيطان، إن الله جل وعز أمر تخييرا، ونهى تحذيرا، ولم يطع مكرها، ولم يعص مغلوبا، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ".
فقام الشيخ فقبل رأس أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأنشأ يقول:
أنت الإمام الذي نرجو بطاعته * يوم النجاة من الرحمن غفرانا أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا * جزاك ربك عنا فيه رضوانا